يبدو أن التعديل الدستوري الذي كان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ينوي إحالته على البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة والذي يتضمن إنشاء منصب نائب للرئيس وتقييد عدد الولايات الرئاسية بواحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، قد يُلغى بشكل نهائي، وذلك وفق ما ذكرت مصادر جزائرية، أشارت في الوقت ذاته إلى أن فكرة الإلغاء راودت الرئيس حتى قبل بروز جبهة رفض (أكثر من عشرين حزباً) لتعديل الدستور. وكان يُتوقع أن يحيل الرئيس الجزائري مسودة تعديل الدستور في غضون شهر. ويلزمه لذلك عقد مجلس وزراء للتوقيع على المسودة، على أن يتم استدعاء البرلمان بغرفتيه (مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني) للالتئام في جلسة واحدة تصادق على المشروع برفع الأيدي أو ترفضه دون مناقشة. ولمحت المصادر ذاتها إلى احتمال تراجع بوتفليقة عن فكرة التعديل الدستوري، لكن من دون أن يعني ذلك عدم رغبته في الاستمرار في قيادة البلاد، ما يعني عقده العزم على خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. وكان الرئيس الجزائري لمح في بيان صدر بعد اجتماعه مع حكومة عبد المالك سلال، إلى إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده (نيسان 2014)، إذ دعا الوزراء «للاستعداد للاستحقاقات السياسية المقبلة». ونقل مصدر رفيع ل «الحياة» أن بوتفليقة قال أمام بعض معاونيه، لدى اطلاعه على مسودة الدستور التي حضرتها لجنة مختصة: «ليس هذا ما كنت أريد». ولم يوضح المصدر ما الذي كان ينتظره بوتفليقة من التعديل رغم أنه تضمن إنشاء منصب للرئيس وتقييد فترة الولاية بخمس سنوات تُجدد مرة واحدة وتعيين رئيس الوزراء من حزب الغالبية البرلمانية مع منحه صلاحيات أكبر. ويضمن التعديل الذي عُرض على بوتفليقة العودة إلى الثنائية في السلطة التنفيذية، عبر إعادة بعض الصلاحيات إلى رئيس الحكومة، بعد أن كان تعديل عام 2008 سحب الصلاحيات من رئيس الوزراء لمصلحة رئيس الجمهورية، فلم يعد بإمكان الأول عقد جلسة للحكومة أو توقيع مراسم التعيين أوالإقالة للمسؤولين الكبار في الدولة. وكانت الرئاسة الجزائرية فتحت باب التعديل بشكل واسع، إذ قال سلال عند إنشاء لجنة التعديل منذ أشهر عدة أنه «لم يوضع أي حد لمشروع التعديل الدستوري باستثناء الحدود المتعلقة بالثوابت الوطنية والقيم والمبادئ المؤسِسة للمجتمع الجزائري». لكن الأمور قد تكون اختلفت اليوم، خصوصاً بعد إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية أبعدته لشهور طويلة للعلاج والنقاهة في فرنسا. وتقترح «جبهة التحرير الوطني» صاحبة الغالبية البرلمانية في وثيقتها الخاصة بتعديل أحكام الدستور إنشاء محكمة عليا للدولة تختص في محاكمة رئيس الحكومة والوزراء. وأيدت الجبهة إمكانية إقالة رئيس الجمهورية شرط ثبوت تهم الخيانة عليه أو إخلاله بواجباته وتقاسم السلطة التنفيذية بين رئيسي الجمهورية والحكومة واستحداث منصب نائب الرئيس، إضافةً إلى توسيع صلاحيات البرلمان بغرفتيه.