دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف منتقديه في بلاده، إلى اتخاذ موقف «نزيه» إزاء الاتفاق المبرم في جنيف مع الدول الست المعنية بالملف النووي لطهران. وذكّر ب «صعوبة» المفاوضات، معتبراً أن «فن الديبلوماسية يتمثل في إخفاء كل الاضطرابات والضغوط، وراء ابتسامات». وأضاف: «نرحب بالنقد البنّاء، لكننا نتوقع في المقابل من أصدقائنا في الأوساط السياسية أن يأخذوا في الاعتبار عاملين: النزاهة في إطلاق أحكامٍ والمصالح الوطنية». ونبّه إلى وجوب ألا ينسى أولئك «الفارق بين قراءة مانيفيستو سياسي، والمساومة السياسية ومناقشات ساخنة، وأن يدركوا أيضاً المناخ الذي يحكم المفاوضات، وكيفية استغلال كل الأدوات المتاحة في عملية التفاوض، لتخفيف وطأة إخفاقات سابقة في بناء فهم مشترك، وحتى في تحويل دفة الأمور» لمصلحتهم. أما الرئيس حسن روحاني فأبلغ نواباً أن حكومته «لن تخفي أبداً حقائق عن الشعب»، معتبراً أن اتفاق جنيف يشكّل «خطوة أولى تستند إلى مبادئ إيران وقيمها». رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني أشاد ب»جهود ضخمة» بذلها الوفد الإيراني إلى جنيف، فيما شدد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي على أن «نتيجة صمود الشعب الإيراني على مدى 34 سنة، ظهرت» من خلال اتفاق جنيف. وأشار إلى «متابعة إيران نشاطاتها النووية، في موازاة المفاوضات». وذكّر بأن «الأميركيين الذين اعترضوا على استخدام ايران الطاقة النووية، هم الذين نصحوا باستخدامها قبل الثورة» عام 1979. علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد علي خامنئي، اعتبر أن «الحكومة نجحت في إدارة الملف النووي»، مشيداً بالوفد الإيراني إلى جنيف. واعتبر أن «سياسة الصمود أثمرت، ما يستلزم اعتماد هذه السياسة أمام أطماع الاستكبار، للمضي قدماً في مسار الاعتراف بحقوقنا النووية». وأكد الناطق باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت إلغاء واشنطن تجميد 8 بلايين دولار من أموال إيرانية في مصارف أميركية، مشيراً إلى «أهمية» اتفاق جنيف في «تعزيز الاقتصاد الإيراني». وأشار مسعود دانشمند، رئيس لجنة النقل والترانزيت والجمارك في «غرفة إيران»، إلى «إلغاء الحظر» على تأمين ناقلات النفط، مذكّراً بأن «الشركات الإيرانية والأجنبية لم تكن قادرة على شحن النفط الإيراني». ورحبت غالبية الصحف الإيرانية بالاتفاق، إذ رأت فيه صحيفة «إيران» الرسمية انتصاراً ل «ديبلوماسية الاعتدال» التي روّج لها روحاني، كما دعت صحيفة «أرمان» الإصلاحية إلى منح ظريف «ميدالية ذهبية». لكن صحيفة «كيهان» المتشددة رأت أن «الولاياتالمتحدة ليست جديرة بالثقة»، معتبرة أن «اتفاق جنيف لم يستمر سوى ساعة واحدة»، لأن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أعلن انه «لا يعترف لإيران بحق تخصيب اليورانيوم». فابيوس في غضون ذلك، رجّح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن يبدأ الاتحاد الأوروبي، في كانون الأول (ديسمبر) أو كانون الثاني (يناير) المقبلين، تخفيف عقوباته على إيران، بناءً على اقتراح تقدّمه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون خلال اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد. وأشار إلى أن رفع العقوبات «سيكون محدوداً ودقيقاً وقابلاً للتراجع»، مضيفاً: «سيكون الأمر كذلك في الجانب الأميركي». وزاد: «الحذر من الجانبين. طالما لم تتم تسوية كل المسائل، لن تتم تسوية أي مسألة». وشدد على أهمية «اليقظة، لأننا لم نصل بعد إلى نهاية المسار، واتفاق جنيف ليس سوى مرحلة. أمامنا نحو ستة اشهر للعمل على كل ذلك، وبعدها هناك مرحلة ثانية هي الاتفاق النهائي». وتطرّق إلى السماح لطهران بتخصيب اليورانيوم، على رغم أن كل قرارات مجلس الأمن تحضها على تجميده، قائلاً: «ما هو مضمون في كلا الطرفين برنامج للتخصيب، وهذا لا ينطبق على الحق في التخصيب، في عبارات متفق عليها. هذا يعني أن إيران لا يمكنها أن تتصرف كما تريد، وهناك حدود معينة». واعتبر أن «أحداً سيتفهّم» إذا شنّت إسرائيل هجوماً على منشآت نووية إيرانية. مايكل مان، الناطق باسم آشتون، علّق على كلام فابيوس قائلاً إن تخفيف العقوبات على طهران «قد يحدث في كانون الأول أو كانون الثاني»، لافتاً إلى بدء العمل على تعديل قوانين أوروبية في هذا الصدد. لكنه استدرك أن الأمر سيتزامن مع تطبيق إيران الاتفاق، مضيفاً أن الاتحاد «سينسّق» الأمر مع طهران. إلى ذلك، أعلن خالد سليمان الجارالله وكيل وزارة الخارجية الكويتية أنه يأمل بأن «يشكّل الاتفاق بداية ناجحة لاتفاق دائم ينزع فتيل التوتر ويحفظ للمنطقة أمنها واستقرارها»، فيما أعرب وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة عن أمله بأن «ينجح الاتفاق في إبعاد خطر انتشار أسلحة الدمار الشامل وإنهاء التخوّف من شرور شبحها، سواء لدى إيران أو أي دولة في المنطقة». ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن «مصدر مسؤول» في الخارجية القطرية قوله إن الاتفاق «يشكّل خطوة مهمة نحو حماية السلام والاستقرار في المنطقة». واعتبرت وزيرة الخارجية الإيطالية إيما بونينو أن الاتفاق «يفتح نافذة ملائمة علينا أن نحرص على تركها مفتوحة». كيري أنذر ظريف: إما اتفاق وإما تشديد العقوبات قدّمت وكالة «رويترز» رواية للاتصالات والمحادثات التي مهدت لإبرام اتفاق جنيف بين إيران والدول الست المعنية بملفها النووي. وأفادت الوكالة بأن وزير الخارجية الأميركي جون كيري التقى نظيريه الإيراني محمد جواد ظريف والأوروبية كاثرين آشتون، بعد وصوله إلى جنيف السبت الماضي. ونقلت عن مسؤول بارز في الخارجية الأميركية قوله إن كيري أبلغ ظريف أن لا مجال لأي تأخير، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما ستدعو إلى فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران، إن لم يتم التوصل إلى اتفاق، مستجيبة مطالب في هذا الصدد من أعضاء في الكونغرس. ونسب إلى كيري قوله: «لن تكون هناك أي وسيلة لكبح عقوبات جديدة، لإتاحة جولة (مفاوضات) جديدة، ما سيؤدي إلى عقوبات إضافية، إذا لم نبرم اتفاقاً». وأشارت الوكالة إلى أن أوباما وافق مساء السبت، على الصياغة النهائية للاتفاق. ونقلت «رويترز» عن عضو بارز في الوفد الإيراني إلى جنيف، قوله إن ظريف عقد قبل توجهه إلى العاصمة السويسرية، اجتماعاً «حاسماً» مع مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي، في حضور الرئيس حسن روحاني. وأضاف أن المرشد «شدد على أهمية احترام حق إيران في تخصيب اليورانيوم، وأنه يدعم الوفد طالما احترم هذا الخط الأحمر». ونسبت «رويترز» إلى مسؤول إيراني سابق، يمتّ بصلة قرابة إلى خامنئي، قوله إن «القلق الأساسي لدى المرشد تمثّل في أنصاره الذين يعتقدون بوجوب الامتناع عن إبرام أي صفقة مع أميركا، ويراقبون التطورات عن كثب لإيجاد نقطة ضعف أو فشل يلقونه على عاتق المفاوضين، (بحجة) خيانتهم القيادة». واتفاق جنيف أُبرم بعد مفاوضات سرية بين واشنطنوطهران بدأت في سلطنة عُمان في آذار (مارس) الماضي، كشفت تفاصيلها وكالة «أسوشييتد برس». ونقلت «رويترز» عن مسؤول إيراني سابق شارك في إحدى جلسات المحادثات السرية، قوله: «كل الاجتماعات مع الأميركيين حظيت بمباركة المرشد. الاجتماع الأول كان الأكثر صعوبة، إذ وجب علينا إقناع (خامنئي) بالنتائج الإيجابية لاجتماعات مشابهة. المرشد أعطى موافقته، لكنه لم يكن متفائلاً إزاء النتيجة. جازفنا لكننا انتصرنا». وساهم كيري في دفع المفاوضات السرية، إذ قام لدى ترؤسه لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بزيارة لم يُعلن عنها إلى مسقط، التقى خلالها مسؤولين عُمانيين. وعندما أصبح وزيراً للخارجية في شباط (فبراير) الماضي، كان تقرر متابعة محادثات سلطنة عُمان، لدعم المفاوضات بين إيران والدول الست. وزار كيري مسقط في أيار (مايو) الماضي، لإجراء محادثات مع المسؤولين العُمانيين. وتسارعت وتيرة التواصل الأميركي مع إيران، بعد تولي روحاني رئاستها في آب (أغسطس) الماضي. والتقى كيري ظريف على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في أيلول (سبتمبر) الماضي، ثم تحدث أوباما وروحاني هاتفياً. وتحدث كيري أيضاً مع ظريف هاتفياً في 25 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وفي 2 الشهر الجاري.