قُتل أمس 11 جندياً مصرياً وجُرح 37 آخرون بعدما استهدفت سيارة مفخخة يقودها انتحاري أربع حافلات كانت تقلهم قرب مدينة العريش في شمال سيناء، فيما جُرح 4 من الشرطة بينهم ضابط بانفجار قنبلة ألقاها مجهول على مكمن شمال القاهرة. وتبنت جماعة «أنصار بيت المقدس» المسلحة اغتيال الضابط في جهاز الأمن الوطني محمد مبروك أمام منزله شرق القاهرة. كما كشفت هوية انتحاري كان استهدف بسيارة مفخخة مديرية أمن جنوبسيناء. وبدا أن تزامن تلك الأحداث أمس منسق بهدف إظهار تحدي «أنصار بيت المقدس» التي تتخذ من سيناء مقراً لها قوات الأمن. لكن هذه التطورات قد تدفع الحكم الموقت إلى تمرير قانون الإرهاب الذي تم تعطيله بعد رفض سياسي واسع لإجراءات استثنائية يفرضها. وتبنت «أنصار بيت المقدس» غالبية الاعتداءات التي استهدفت قوات الشرطة والجيش منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وكانت أكبر عملياتها محاولة اغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم التي قالت الشرطة أمس إنها ألقت القبض على أحد المتورطين فيها. وانفجرت سيارة ملغومة لدى مرور 4 حافلات تقل مجندين في الجيش كانوا في طريقهم لقضاء إجازة. وكشف مسؤول عسكري ل «الحياة» أن التفجير الذي استهدف حافلات الجنود نفذه انتحاري كان يستقل سيارة ملغومة من طراز «هيونداي فيرنا». وأوضحت مصادر طبية أن الهجوم أدى إلى مقتل 11 جندياً، وجرح 37 آخرين 7 منهم في حال الخطر تم نقلهم بمروحيات مجهزة إلى المستشفى العسكري في المعادي جنوبالقاهرة. واستنفرت قوات الجيش في شمال سيناء عقب الاعتداء، فشنت حملة أمنية يدعمها غطاء جوي من المروحيات بتمشيط محيط منطقة الحادث بحثاً عن مسلحين. وتعهد الناطق باسم الجيش في بيان «مواصلة الحرب ضد الإرهاب الأسود»، موضحاً أن «سيارة مفخخة تستقلها عناصر إرهابية استهدفت حافلة إجازات لأفراد القوات المسلحة أثناء مرورها بمنطقة الشلاق الواقعة غرب مدينة الشيخ زويد (شمال سيناء)، واستشهد سائق الحافلة و3 أفراد من قوات التأمين و6 جنود» قبل أن يعلن مقتل جندي آخر. وأكد البيان «عزم رجال (الجيش) على مواصلة حربهم ضد الإرهاب الأسود والقضاء الكامل على دعاة الظلام والفتنة والتكفير... دماء أبنائنا الغالية إنما تزيدنا إصراراً على تطهير مصر وتأمين شعبها من العنف والإرهاب الغادر». وقدم تعازيه إلى «الشعب المصري وأسر الشهداء والمصابين». وفي هجوم آخر في القاهرة ألقى مسلحون مجهولون قنبلة يدوية وأطلقوا الرصاص على مكمن للشرطة قرب نفق عبود شمال القاهرة فجر أمس. وقال مصدر أمني إن «مجموعة من الجماعات الإرهابية قامت بإلقاء قنبلة على مكمن للشرطة في عبود، ما أسفر عن جرح أربعة شرطيين بينهم ضابط، تم نقلهم إلى المستشفى». ونعى الرئيس الموقت عدلي منصور ضحايا الاعتداء في سيناء، متعهداً «القصاص لأرواح الشهداء ودمائهم الزكية التي سالت على أرض سيناء»، مشدداً على أن «مصر التي انتصرت على الإرهاب في تسعينات القرن الماضي ستجتث هذا الإرهاب الأسود من كل أراضيها وربوعها». ودان رئيس الحكومة حازم الببلاوي الاعتداء «الإرهابي الآثم». وأشار إلى إمكان تمرير قانون الإرهاب الذي كان عطل بعد انتقادات واسعة، قائلاً إن «الحكومة تدرس كل البدائل للتعامل مع الأحداث الإرهابية المتلاحقة والرد بما يردع قوى الإرهاب والظلام ويقتص لأرواح شهدائنا الأبرار». واستنكر مفتي البلاد شوقي علام «العملية الإرهابية الغاشمة»، مؤكداً أن «ما يقوم به هؤلاء الغاشمون من قتل للأبرياء وترويع للأمن أمر حرمه الإسلام، بل والأديان السماوية كلها»، مشدداً على أن «الإسلام يرفض الإرهاب بجميع أشكاله وصوره، لأنه قائم على الإثم والعدوان وترويع الآمنين وتدمير البلاد ومقومات الحياة». ولفت إلى أن «الشرع يحرم الإقدام على الإرهاب أو المساهمة فيه بأي وسيلة سواء بالتخطيط له أو التستر على أربابه وإيوائهم أو تقديم المعونة المادية لهم»، داعياً المصريين إلى «العمل صفاً واحداً لمحاربة الإرهاب والأفكار الهدامة والأعمال الإجرامية، وكل ما يهدد استقرار الوطن وسلامة مواطنيه». وظهر من تكرار الاعتداءات وجود اختراقات أمنية عميقة، ففي حادث العريش أمس بدا واضحاً أن تحركات الجنود كانت مرصودة، ناهيك عن ضعف إجراءات تأمينهم. وظهر ذلك في اغتيال ضابط الأمن الوطني أمام منزله قبل أيام. ووزعت «أنصار بيت المقدس» شريطاً مصوراً أمس لعملية تفجير مبني مديرية أمن جنوبسيناء ظهر فيه الانتحاري الذي يدعى أبو هاجر محمد حمدان السواركة يستقل سيارة ربع نقل مفخخة من دروب صحراوية وهو يجوب شوارع مدينة الطور في جنوبسيناء، وصولاً إلى مديرية الأمن التي ظهر من الشريط ضعف إجراءات تأمينها. كما وزعت الجماعة مساء أول من أمس بياناً أعلنت فيه مسؤوليتها عن اغتيال المقدم محمد مبروك لدى خروجه من منزله في مدينة نصر الأحد الماضي، كما توعدت بمزيد من العمليات ضد ضباط الشرطة. وقالت إن «هذه العملية الأخيرة باكورة عمليات الجماعة ضمن سلسلة عمليات فك الأسيرات من أيدي الطغاة، نتيجة اعتقال النساء الحرائر، واقتيادهن للتحقيق في أقسام الشرطة ومقار أمن الدولة». وكشفت أنها «كلفت سرية المعتصم بالله، تحرير الأسيرات وتعقب كل من أسهم وشارك في أسرهن من ضباط وأفراد وزارة الداخلية». وتابعت أنها «مستعدة لتلقي أي معلومة تساعد في تتبع الذين شاركوا في أسر الحرائر عبر وسائل التواصل الإلكترونية المتاحة». ودعت وزارة الداخلية إلى «إخراج جميع النساء من المعتقلات وأقسام الشرطة ومقار أمن الدولة... وإلا فانتظروا الحلقات القادمة من السلسلة». في المقابل، كشف مصدر أمني أمس إلقاء القبض على «أحد المتهمين الرئيسيين» في محاولة اغتيال وزير الداخلية التي كانت «أنصار بيت المقدس» تبنتها. وأعلن توقيفه «من دون مقاومة في شقة في منطقة القرين قرب مدينة العبور في مأمورية أمنية نفذتها قوات من العمليات الخاصة وعناصر من الأمن الوطني» فجر أمس.