لم يجد عضوان في مجلس الشورى السعودي خلال جلسته الأسبوعية أمس، في لغة الضاد وصفاً لحال الموظف السعودي الصابر الكادح على أجر شهري في وظيفة «دنيا» غير مرتبط بنظام علاوات يسمح له بزيادة دخله سوى مفردة «تنبل» داخل قاعة تضم بين أرجائها شخصيات تعبر عن النخبة السعودية. واتفق العضوان الدكتور خضر القرشي والدكتور خليل كردي على أن الموظف السعودي في المراتب الدنيا «تنبل»، لكنهما اختلفا على بقائه أعواماً طويلة في مرتبته من دون ترقية، إذ رأى الأول أن مقترح زيادة درجات السلم الوظيفي يعالج تجمده الوظيفي، فيما أكد العضو الثاني أن المقترح يشجع على تعميق الخلل الهيكلي في استقطاب الحكومة للعاطلين. وانتقد القرشي رفض لجنة الموارد البشرية للمقترح المقدم من العضو السابق في المجلس عبدالرحمن العبيسي بموجب المادة ال23 من نظام الشورى، في شأن زيادة عدد درجات سلم رواتب موظفي بند الأجور وموظفي الخدمة المدنية من المرتبة السابعة لتكون 30 درجة لكل مرتبة، وكذلك زيادة درجات سلم موظفي الخدمة المدنية من المرتبة الثامنة حتى ال15، بواقع 25 درجة لكل مرتبة. وقال: «لا ألوم الناس في الشارع حينما يسألونني ماذا قدم الشورى للشعب. إن رفض اللجنة المقترح فيه ظلم لآلاف الموظفين، لأن لديهم مشكلات، فالمواطن يبقى 20 عاماً على وظيفته لا يستطيع أن يعول أسرته». وبرر القرشي حال الموظف الذي يعاب عليه أنه غير منتج وكسول، بأنه محبط لبقائه 25 عاماً من دون ترقية، مضيفاً: «ما ذنب من يؤدي واجباته كاملاً، ويأتيه الرد بعدم وجود شاغر للترقية، أعطه حقه ويعطيك حقك». وأشار إلى أن هذا التجمد الوظيفي فيه إيغار لصدور الناس على الحكومة - بحسب قوله -، مطالباً اللجنة المعنية بتقديم البديل عوضاً عن رفضهم لمبدأ الدراسة، مستدلاً بمميزات «أرامكو» التي تجعل موظفيها يعملون مثل «الماكينة» – على حد وصفه -. ورأى أن الوظيفة الحكومية طاردة «والموظف الذي يرضى بها تنبل»، معتبراً أن رفض اللجنة للمقترح سيعد ظلماً، مضيفاً: «وبعد الرفض، لم يتبقَّ على اللجنة سوى المطالبة بجلد الموظف 70 جلدة». وعارض عضو مجلس الشورى خليل كردي ما ذهب إليه زميله القرشي بالقول: «أنا لست ضد التوصية ولكن لا أميل إليها، لأن التأييد يشجع القطاع الحكومي على أن يكون المشغل الرئيس للقوى العاملة، وهذا خطأ هيكلي، في وقت تنوء الموازنة العامة للمملكة ببند الرواتب». وأضاف: «نعم الموظف السعودي تنبل، فليذهب إلى بيته. نحن لا نشجع على بقاء الموظف الحكومي وأن تستقطب الحكومة العاطلين عن العمل، اللي مو عاجبه يذهب للعمل في القطاع الخاص». وأوضح مقدم المقترح عضو مجلس الشورى عبدالرحمن العبيسي في مبرراته للتوصيات المقدمة أن المستخدمين والعاملين على بند الأجور يعانون من التجمد الوظيفي عند استنفاد درجات السلالم للمرتبة التي يشغلونها «ويعود ذلك إلى قلة الفرص المتاحة، لعدم توافر الوظائف، أو مناسبة الوظيفة للموظف بسبب التخصص أو ظروف الوظيفة والمكان المخصص لها». وأشار إلى أن زيادة عدد درجات المرتبة الوظيفية يلغي مسألة استحداث وظائف في العام الواحد ويعطي خياراً للموظف بالتقاعد المبكر عند استنفاد درجات مرتبته إذا كانت لديه حصيلة تقاعدية جيدة. فيما بررت لجنة الموارد البشرية الرفض بالاستناد إلى مقترحات وزير الخدمة المدنية لمعالجة مشكلات التجمد الوظيفي، منها: صرف مكافأة سنوية بمقدار العلاوة السنوية للموظف الذي يشغل مرتبته في سلم رواتب الموظفين إذا أمضى في مرتبته ثمانية أعوام، واعتبرت أن الأصل في شغل الوظائف والترقية من مرتبة إلى أخرى هو الكفاءة ومستوى الأداء والتأهيل بالمفاضلة بالأقدمية، وأن الأخذ بالمقترح سيكون له أثر سلبي في الأداء الوظيفي في شكل عام، وهو ما يسبب عدم اهتمام الموظف. ونجح القرشي وبقية الأعضاء المؤيدين في مداخلاتهم على الموافقة بإسقاط توصية اللجنة وإحالة الموضوع إلى لجنة خاصة للبت فيه.