قالت مصادر في المعارضة السورية ل «الحياة»، إنها لاحظت «بعض المرونة» في مواقف موسكو من الأزمة السورية، خصوصاً لدى حض الرئيس فلاديمير بوتين الرئيس بشار الأسد على «تخفيف معاناة المدنيين»، وتأكيد موسكو على التزام مواعيد «إزالة» الترسانة الكيماوية، إضافة إلى ذهاب نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى إسطنبول للقاء قيادة «الائتلاف الوطني السوري» المعارض. في غضون ذلك، واصل مقاتلون أكراد تقدمهم في شمال شرقي سورية، حيث سيطروا على 18 قرية خلال 48 ساعة، في وقت أعربت واشنطن عن «القلق» من إعلان تشكيل إدارة انتقالية كردية. وكان الكرملين أعلن أن بوتين بادر إلى الاتصال بالأسد لتناول ثلاثة أمور تتعلق بالتحضيرات لمؤتمر «جنيف 2» والملف الكيماوي والوضع الإنساني في سورية. وأعرب عن «قلقه من المعلومات حول الاضطهاد المنهجي من قبل المتطرفين للمسيحيين والأقليات الدينية الأخرى»، وعن «الأمل في أن تبذل الحكومة السورية كل ما في وسعها لتخفيف معاناة المدنيين وإعادة السلام بين الطوائف». إلى ذلك، أعلنت الخارجية الروسية أن بوغدانوف التقى في إسطنبول مساء أول من أمس قيادة «الائتلاف». وأوضح قيادي معارض ل «الحياة»، أن رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا كان موجوداً في إسطنبول ولم يحضر الاجتماع مع بوغدانوف، الذي أراد الاطلاع على موقف المعارضة في ضوء قرارها المشاركة في «جنيف 2». وأشار إلى أن المسؤول الروسي دعا الجربا إلى زيارة موسكو الأسبوع المقبل، غير أن المعارضة أبلغته أن الجربا مرتبط بمواعيد مسبقة بينها زيارته للإمارات اليوم، الأمر الذي أسفر عن الاتفاق على البحث في ترتيب الزيارة ل «وفد من الائتلاف برئاسة الجربا إلى العاصمة الروسية في الأسبوع الثالث من الشهر الجاري». وقال القيادي أن وفد «الائتلاف» سأل بوغدانوف عن موقف موسكو من دور الأسد في المرحلة الانتقالية، فأبلغهم أن «هذا الأمر يقرره السوريون أنفسهم في المفاوضات» المقررة في «جنيف 2». وقال مسؤول معارض آخر ل «الحياة»، إنه جرى استيضاح إمكان التفاوض مع الروس حول بنود بيان جنيف الأول الصادر في 30 حزيران (يونيو) العام الماضي، حيث «لاحظ وفد المعارضة وجود مرونة روسية لم تكن موجودة سابقاً، مع أنه أكد أن السوريين هم يقررون نتائج الحوار وليس أي أحد غيرهم». وزاد أن الجانب الروسي أبلغ المعارضة أنه «سيرعى خلال الفترة المقبلة مشاورات مع أطراف المعارضة ومسؤولين من النظام» قبل الاجتماع المقرر بين مسؤولين روس وأميركيين والمبعوث الدولي- العربي الأخضر الإبراهيمي في جنيف في 25 الشهر الجاري لتحديد موعد المؤتمر الدولي. وعُلم أن المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد سيتوجهان إلى موسكو يوم الإثنين. وقال القيادي في «الائتلاف» منذر أقبيق لوكالة «فرانس برس» إن المعارضة «وافقت على حضور مؤتمر جنيف، على أن يؤدي إلى تشكيل سلطة انتقالية بصلاحيات كاملة، وهذا ليس شرطاً، بل يتناسب ويتوافق مع قرارات الشرعية الدولية». وكان الملف السوري حاضراً بقوة خلال المحادثات بين وزير خارجية مصر نبيل فهمي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في القاهرة أمس. وفيما أوضح فهمي في مؤتمر صحافي مشترك عقب المحادثات أن البحث تناول الوضع في سورية وما يبذل من جهد لعقد مؤتمر «جنيف 2» سعياً إلى حل سياسي للأزمة السورية، قال لافروف إن هناك مواقف متطابقة في شأن أهمية عقد «جنيف 2» في أسرع وقت ممكن وبين جميع الأطراف السورية. ميدانياً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردي على قرية تل عيد في الريف الجنوبي الشرقي لمدينة القامشلي في شمال شرقي البلاد، مشيراً إلى أن هذه الوحدات تمكنت خلال 48 ساعة من السيطرة على 18 قرية صغيرة وتجمعاً سكنياً في منطقة القحطانية بعد معارك طاحنة مع كتائب في «الجيش الحر» وجهاديين. وقالت مصادر إن عبد العزيز سلامة وعبد القادر صالح قائدي «لواء التوحيد» أحد فصائل «الجيش الحر»، أصيبا في غارة جوية في حلب شمال سورية امس. وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي رداً على إعلان جهات كردية تأسيس إدارة مدنية انتقالية: «سياستنا على الدوام تقوم على دعم وحدة الأراضي السورية وسلامتها، وقد اعتبرنا مشاركة المجلس الوطني الكردي في الائتلاف خطوة إيجابية، ونشعر بالقلق حيال التقارير حول نية إعلان استقلال مناطق كردية في سورية. إن تأسيس منطقة كردية خاصة في سورية يجب أن يكون جزءاً من قرار أكبر».