أطلع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس السوري بشار الأسد على الجهود التي تبذل مع الولاياتالمتحدة الأميركية للتحضير لانعقاد مؤتمر «جنيف2»، داعياً إلى «تخفيف معاناة المدنيين» السوريين، في وقت كشف مسؤول معارض ل «الحياة» أن قيادة «الائتلاف الوطني السوري» المعارض لاحظت «مرونة» خلال لقاء نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في إسطنبول مساء أول من امس، مع قيادة «الائتلاف»، الذي حرص رئيسه أحمد الجربا على عدم حضور اللقاء، رابطاً زيارته موسكو بتوجيه دعوة لوفد كبير ومشاورات مع حلفاء المعارضة. وأعلن الكرملين أن الاتصال الهاتفي، الذي جاء بمبادرة من بوتين، تناول «الإعداد لمؤتمر جنيف2 وتفكيك الترسانة الكيمياوية السورية والوضع الإنساني في البلاد»، حيث «شدد» الرئيس الروسي على «الجهود التي تقوم بها روسيا مع شركائها لتحضير مؤتمر جنيف2 الدولي ورحب بموافقة الأسد على إرسال وفد حكومي سوري إلى هذا المؤتمر». وأوضحت الرئاسة الروسية أن بوتين «أعرب عن الأمل في أن تتعاطى مجموعات المعارضة بطريقة بناءة وتشارك في المؤتمر». وفي ما يتعلق بتفكيك الأسلحة الكيماوية، أعرب بوتين «عن ارتياحه للتعاون القائم بين السلطات السورية ومهمة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة»، وأنه أعرب عن «قلقه من المعلومات حول الاضطهاد المنهجي من قبل المتطرفين للمسيحيين والأقليات الدينية الأخرى». وأعرب بوتين عن «الأمل في أن تبذل الحكومة السورية كل ما في وسعها لتخفيف معاناة المدنيين ولإعادة السلام بين الطوائف». وزاد البيان أن الأسد «شكر للقيادة الروسية المساعدة والدعم اللذين تقدمهما للشعب السوري». وكان «الائتلاف» طلب عدداً من خطوات بناء الثقة قبل التوجه إلى المؤتمر الدولي، بينها إيصال المساعدات الإنسانية للسوريين وتوفير المعالجة الطبية واللقاحات اللازمة. إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن بوغدانوف التقى في إسطنبول مساء أول من أمس كلاًّ من الأمين العام ل «الائتلاف» بدر جاموس ونائب رئيس «الائتلاف» فاروق طيفور وعضو الهيئة السياسية ميشال كيلو، حيث جرى «بحث الوضع في سورية والقضايا المتعلقة به بما في ذلك الوضع الإنساني والتحضير لعقد مؤتمر جنيف 2 في ضوء القرار المبدئي الذي اتخذه الائتلاف الوطني حول المشاركة في هذا المؤتمر». وأوضح قيادي معارض ل «الحياة»، أن الجربا، الذي كان موجوداً في إسطنبول، لم يحضر الاجتماع مع بوغدانوف، الذي أراد الاطلاع على موقف المعارضة في ضوء قرارها المشاركة في المؤتمر الدولي. وأشار إلى أن المسؤول الروسي دعا الجربا وقيادة «الائتلاف» لزيارة موسكو الأسبوع المقبل، غير أن المعارضة أبلغته أن الجربا مرتبط بارتباطات مسبقة بينها زيارته اليوم إلى الإمارات، الأمر الذي أسفر عن الاتفاق على البحث في ترتيب الزيارة ل «وفد من الائتلاف برئاسة الجربا إلى العاصمة الروسية في الأسبوع الثالث من الشهر الجاري». وتابع القيادي أن أعضاء الهيئة الرئاسية في «الائتلاف» سألوا بوغدانوف عن موقف موسكو من دور الأسد في المرحلة الانتقالية، فأبلغهم أن «هذا الأمر يقرره السوريون أنفسهم في المفاوضات» المقررة في «جنيف2». وقال مسؤول معارض آخر ل «الحياة»، إنه جرى استيضاح إمكان التفاوض مع الروس حول بنود بيان جنيف الأول الصادر في 30 حزيران (يونيو) العام الماضي، حيث «لاحظ وفد المعارضة وجود مرونة روسية لم تكن موجودة سابقاً، مع أنه أكد أن السوريين هم يقررون نتائج الحوار وليس أي أحد غيرهم». وتابع المسؤول أن بوغدانوف أبلغ محاوريه أن «الائتلاف» سيكون «المفاوض الرئيسي» في وفد المعارضة السورية الذي من المقرر أن «يضم تسعة أشخاص من الائتلاف وهيئة التنسيق الوطني للتغيير الديموقراطي والهيئة الكردية العليا» التي تضم «الاتحاد الوطني الكردي» بزعامة صالح مسلم و «المجلس الوطني الكردي» الذي انضم قبل يومين إلى «الائتلاف» بموجب اتفاق بين الجانبين. وزاد أن الجانب الروسي أبلغ المعارضة أنه «سيرعى خلال الفترة المقبلة مشاورات مع أطراف المعارضة ومسؤولين حكوميين سوريين» قبل الاجتماع المقرر بين مسؤولين روس وأميركيين والمبعوث الدولي- العربي الأخضر الإبراهيمي في جنيف في 25 الشهر الجاري لتحديد موعد المؤتمر الدولي. وعُلم أن المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد سيتوجهان قريباً إلى موسكو. وكان مسلم قال إنه أبلغ بوغدانوف لدى لقائهما في العاصمة السويسرية قبل أسبوعين استعداده للذهاب إلى موسكو لإجراء مشاورات، على أن يكون «الاتحاد الديموقراطي» ضمن الوفد المعارض. من جهته، قال القيادي في «الائتلاف» منذر أقبيق لوكالة «فرانس برس» أن هناك اقتراحات مواعيد يتم البحث فيها لعقد المؤتمر حوالى منتصف الشهر المقبل. وقال: «لا يوجد موعد رسمي، لكن هناك اقتراحات على الطاولة»، مشيراً إلى أن «هناك رغبة لدى الرعاة بعقد المؤتمر قبل نهاية هذا العام». وكان «الائتلاف» أبدى استعداده للمشاركة في مؤتمر «جنيف2»، شرط أن يؤدي إلى تشكيل سلطة انتقالية بصلاحيات كاملة وألا يكون لنظام الأسد دور في المرحلة الانتقالية. إلا أن النظام يؤكد عدم ذهابه إلى المؤتمر الدولي «لتسليم السلطة»، ويرفض البحث في مصير الأسد الذي تنتهي ولايته في العام 2014، معتبرا أن مصير الرئيس يقرره الشعب السوري من خلال «صندوق الاقتراع». وقال أقبيق إن الائتلاف «وافق على حضور مؤتمر جنيف على أن يؤدي إلى تشكيل سلطة انتقالية بصلاحيات كاملة، وهذا ليس شرطاً، بل يتناسب ويتوافق مع قرارات الشرعية الدولية». وذكر بأن «انتقال السلطة منصوص عليه في بيان جنيف1 وفي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118 الذي تبنى بيان جنيف ودعا إلى عقد مؤتمر دولي لتطبيقه». وقال إن بيان جنيف ينص أيضاً على أن «انتقال السلطة يجب أن يتم بموافقة الطرفين، بما يعني أن رفض أي دور لنظام الرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية ليس شرطاً، بل من حق المعارضة رفض بعض الأشخاص». وكان وزير الإعلام السوري عمران الزعبي اعتبر في تصريح أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس، أن شروط المعارضة «صراخ لا فائدة منه». ورأى أن «نقاشاً سيجري في جنيف2 على سكة بيان جنيف الأول، وهي سكة واضحة لها شروطها ومعطياتها ومحدداتها. أما الاجتهاد في مورد النص فلا مكان له». واعتبر أن «من يحلم أنه قادم إلى جنيف ليتسلم مفاتيح دمشق، فهو شخص سخيف وتافه ولا قيمة له سياسياً ولا يفقه في السياسة ويعيش أضغاث أحلام». من جهته، أكد نائب رئيس الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية قدري جميل في مؤتمر صحافي في موسكو، أن مؤتمر «جنيف2» هو الطريق الوحيد للخروج من الأزمة السورية وأنه «قدر لا مفر منه».