كُتب مراراً عن حقوق المرأة، ما يقال عن ذلك، ويرد عليه، كثير، لا ينضب! إذا سألت من لا يحب الكلام عن حقوق المرأة سيرد: ليس في مجتمعنا امرأة تُهان، ليس في مجتمعنا امرأة تُضرب، ليس في مجتمعنا امرأة لا تعمل إذا أرادت، ليس في مجتمعنا امرأة لا تتعلم، ولا تختار التخصص الذي يناسبها بإرادتها، ليس في مجتمعنا غير المرأة المكرمة المصونة المعززة! ماذا عن دور العائلة الذي يُغذي أبويّة وسلطوية الذكر حتى لو كان صغيراً، بل ويغذي أن مستقبل الرجل العلم فالوظيفة، فيما مستقبل المرأة الزواج والرجل، هل تجهز العائلات المرأة لسلطة الرجل الزوج باكراً عبر تلك القيم، وتقتل فكرة الاستقلالية فيها عن قصد. لدى النظر في كيفية التعامل مع المرأة في المجتمع، لا سيما ما يتصل منها باحترامها كندٍ، لا يملك المرء إلا أن يُفاجأ بالبديهيّ الذي سقط، فنحن، نظريّاً، في الإسلام، أمام مُطْلَقَات لا ينبغي أن تُثير أية حيرة في شأنها... «كرامة المرأة»، «حرية اختيارها»، «عملها»، «رأيها»، «إنسانيتها». لكن هذا القاموس الممتلئ بمصطلحات مطلقة، إيجاباً، لا ينطوي، لدى التفكير في تطبيقه، إلا على «طاعة» من المرأة للرجل «الأب، الأخ، الزوج»، وربما الابن حتى. في ما وراء الظلم الذي يمارس على المرأة في شقه العائلي الاجتماعي، وفي ما وراء انتهاك مشيئتها وحقها في تقرير مصيرها، باستقلال وحرية - في ما وراء هذا كله، هل هناك ضرورة لسرد الحالات الخاصة، وتحديد مناسبة إعادة كل هذا الكلام، ومناسبة المقال؟ لا بد أن هناك على الأقل امرأة واحدة فقط، تعاني من يد زوجها الثقيلة، تمتد اليد إليها كلما كان مزاجُ صاحبها متعكراً، ترسمُ - اليد - كدماتٍ في وجهها، تُلون جلدها بالأحمر، تقول أُمها: «اصبري»! تقول أمه: «هذا حقه»! هل انتهت هذه الحكايات؟ هل اختفت؟ أم أنها تملأ البيوت؟ وإذا لم تظهر، إذا لم يشتكِ المتضرر، هل تعتبر خصوصية أم حقاً عاماً؟! ما يزيد في تضخيم المشكلة – الصغيرة والتي لا تعتبر ظاهرة برأي البعض - أننا أصبحنا نملك الكثير من القصص التي تعود فتتكرر، بشكل أو بآخر، يوماً بعد يوم. فنحن نعرف، مثلاً، أن ضرب الرجل للمرأة ليس وسيلة الإهانة الوحيدة، لكن هناك من يحاول أن يصمّ أذنيه عن الهول الذي يندرج تحت خصوصيات العائلات. حسناً هل يحق لي أن أصرخ: آه منّا وعلينا وعلى كل ما نبتكره باسم خصوصيات العائلات؟ ومادام الحديث عن الخصوصية فلا مانع من الإشارة إلى أن نساء في مجتمعنا ليس لهم قرار في اختيار أزواجهن، أو في اختيار عملهن، أو في إنفاق مالهن في ما يرينه مناسباً لهن، أو في اختيار تخصص دراستهن. هل يجوز أن ندافع عن هؤلاء؟! أن نبصرهن بأنهن لسن مضطرات إلى أن يَصبرْن؟ من يشرحُ لهن أن الحق معهن ولا يجوز لأحد أخذ القرار بالنيابة عنهن حتى في ماذا يقرأن؟! أيبدو هذا الكلام متطرفاً أم عقلانياً؟! هل تبصير الإنسان بحقوقه تطرف؟! إذاً من لهذا الدور؟! [email protected]