طهران، فيينا – أ ب، رويترز، أ ف ب – اعتبرت إيران أنها «أكبر وأقوى دولة في المنطقة»، وطمأنت جيرانها إلى أن المفاوضات لتسوية ملفها النووي لن تكون على حسابهم. وانتقدت «تصريحات متناقضة» لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، معتبرة أن تحميلها مسؤولية فشل جولة المحادثات في جنيف الأسبوع الماضي، «أضرّ بصدقيته وقوّض الثقة» في المفاوضات. لكن مصدراً ديبلوماسياً فرنسياً كرّر أن باريس لم تعرقل مفاوضات جنيف، وقال: «لو كانت فرنسا وحدها التي عرقلت، لما توصلت الدول الست إلى نصّ مشترك». واضاف أن «تقدماً ملموساً» أُحرِز خلال المحادثات، مرجّحاً التوصل إلى اتفاق خلال جولة المفاوضات المقررة في 20 الشهر الجاري. في غضون ذلك، أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، في فيينا بعيد وصوله من طهران، استعداد مفتشي الوكالة ل«التحقّق من تطبيق» أي اتفاق تُبرمه إيران والدول الست المعنية بملفها النووي. وتطرّق إلى اتفاق وقّعته طهران والوكالة الاثنين، يوسّع تفتيش المنشآت الذرية الإيرانية، وبينها منشأة آراك لإنتاج البلوتونيوم التي تعمل بالماء الثقيل، قائلاً انه ما زال يريد من إيران تفسيراً لمعلومات حول تنفيذها بحوثاً لإنتاج أسلحة نووية. وزاد: «الملف النووي الإيراني معقد جداً، ولا نستطيع أن نتوقع تسوية كل المسائل بين ليلة وضحاها، لذلك اتبعنا نهج الخطوة خطوة... وكل القضايا الأخرى التي لا يتضمنها ملحق (الاتفاق) ستُعالج في خطوات لاحقة». في السياق ذاته، أعلن ناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أن طهران مستعدة لفتح منشأة آراك للتفتيش، قبل اجتماع آخر بين الوكالة وإيران مُقرّر في 11 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. إلى ذلك، لفت كيري إلى أن إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) «كانت قريبة جداً» من التوصل لاتفاق في جنيف، وزاد: «أعتقد بأن ما فرّقنا كانت أربع أو خمس صياغات لمفهوم محدد». واستبعد أن «يحول ذلك دون إبرام اتفاق»، مكرّراً اتهامه الإيرانيين برفض نصّ «موحّد» قدّمته الدول الست السبت الماضي، ومبرِّئاً فرنسا من عرقلة التفاهم. وذكّر بأن واشنطنوطهران «لم تتحادثا طيلة 35 سنة. تحادثنا في ثلاثين ساعة (خلال مفاوضات جنيف) أكثر مما فعلنا في السنوات الثلاثين الماضية». لكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف انتقد «التصريحات المتناقضة» لكيري، معتبراً أنها «لا تعزّز مكانة قائلها وتضرّ بصدقية مَنْ يغيّر مواقفه في استمرار، وتقوّض الثقة» في المفاوضات. ولمّح إلى «تغيير» باريس نصاً طرحته واشنطن، لافتاً إلى أن الغرب «أمضى 48 ساعة خلال المفاوضات، في تسوية خلافاته الداخلية». وتحدث عن «قلق وهلع غير مُبرّرين» شعرت بهما دول في الخليج، وقال: «عليها ألا تقلق، لأن المفاوضات الأخيرة والمقبلة تتطرّق إلى الملف النووي لإيران، لا إلى العلاقات مع أميركا. إن دول الجوار أولويتنا في السياسة الخارجية، وكوننا أكبر وأقوى دولة في المنطقة، نأخذ مصالحها في الاعتبار، ونعتقد بأن انعدام أمنها هو انعدام لأمننا». وزاد أن على دول الجوار «أن تُسَرّ لإزالة مشكلة كان ممكناً أن تشعل المنطقة». ويشارك كيري اليوم في جلسة مغلقة مع لجنة المصارف في مجلس الشيوخ، المكلفة ملف العقوبات على طهران، لإقناع أعضاء اللجنة بتأجيل تشديد العقوبات، لئلا تعرقل المفاوضات. لكن نواباً من الحزبين الديموقراطي والجمهوري انتقدوا «تلهّف» إدارة الرئيس باراك أوباما على اتفاق مع إيران، قبل التمعّن بتفاصيله. وأكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ روبرت ميننديز سعيه إلى تشديد العقوبات، كما حذر مجلس حاكميات الولايات الأميركية من توقيع اتفاق لا يتضمّن رقابة كافية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.