من حسنات مواقع التواصل الاجتماعية أنها جعلتنا نكتشف أشياء كان من الصعب التعرّف عليها من خلال وسائل الإعلام التقليدية، ربما لأن وصولنا إلى المواقع الاجتماعية سهل، ووصولها إلينا أسهل، فالمواهب والإبداعات والمشاريع لم تعد تنتظر دعم الإعلام التقليدي لتبدأ، بل أصبح الدعم الإعلامي خطوة ذاتية من ضمن خطط المشروع بفضل الإعلام الجديد. أفكار كثيرة كانت تعوقها وسائل الانتشار، لا ينقصها الآن سوى التجربة، ولعل مواقع التواصل الاجتماعي بمختلفها خير شاهد على إبداعات الشباب الذين حولوا ما كان «مستحيلاً» بالأمس إلى «واقع» يدر عليهم الكثير من الأموال اليوم. لا يكاد يخلو أحد برامج «يوتيوب» صاحبة المشاهدات المليونية من الإعلانات التجارية، أو حساب «هامور» في موقع «تويتر» من «رتويت» إعلاني، سواء بطريقة مباشرة أم أخرى، وأحياناً تكون هذه الوسائل نافذة لفرص وظيفية مرموقة إن لم يستدعِ الأمر خلق وظائف لم تكن متوافرة في مجتمعنا. فالأهم بحسب رأي متذوق الأطعمة «غورميه» السعودي تركي الضفيان، هو اختيار وسيلة التسويق المناسبة للمنتج في فضاء الإعلام الجديد. حين بدأ تركي في الشروع بزيارة المطاعم وكتابة التقارير عن مظهر وجودة وأسعار أطباقها، وجد في خصائص موقع «أنستغرام» ما يتناسب مع هوايته، التي بدأ جدياً بالتفكير في احترافها بعدما نال ثقة أكثر من 20 ألف متابع تفاعلوا خلال ثلاثة أشهر مع أكثر من 90 صورة لوجبات مطاعم قام بتجربتها وكتابة تقارير شاملة عنها. هذا التفاعل دعا متذوق الأطعمة الضفيان، إلى إنفاق نحو 12 ألف ريال شهرياً على المطاعم المتوسطة والفاخرة في مدينتي الرياض ودبي، في مقابل الاستمرار في هذه الهواية التي أصحبت له هوساً. يقول تركي إنه على رغم ضعف انتشار وظيفة «متذوق أطعمة في الخليج والسعودية» إلا إنها مهنة تحظى بأهمية في العالم الغربي، سواء في الصحف أو البرامج التلفزيونية، أو حتى على صعيد المطاعم والشركات: «تستمد هذه الوظيفة من خلال شغف الشعوب بمكونات الطعام وثقافاته، ما أثارني إلى تطوير نفسي والبحث في ثقافات الشعوب ومكونات أكلاتهم وأنواع طعامهم، لكي أصل إلى دقة عالية في التقييم». مبيناً أن عدة مطاعم تتابعه على حسابه في «آنستغرام» البعض منها قدم له دعوات لتجربة بعض الوجبات وتقييمها، مشيراً إلى أن التقييم يكون بكل مهنية بعيداً عن المجاملة. وأكد الضفيان على أن الإعلام الاجتماعي أنصفه كثيراً من خلال مرونته وعدالته التي ترتبط فيه بقوة المنتج بعيداً عن أي مؤثرات أخرى، من خلال التسويق الذاتي لكسب ثقة الجمهور الجاذبة للشركات والمعلنين. معتبراً أن الجمهور السعودي في مواقع التواصل الاجتماعي «ثروة» لابد من استغلالها. وحول المبلغ الكبير الذي ينفقه على تذوق الأطعمة (12 ألف ريال شهرياً)، أكد أن ما يدفعه الآن سيجنيه في المستقبل، وقال: «أنا اعتبر أن ما أنفقه الآن استثمار، سوف تعود علي فوائده في المستقبل». فيما ذكر مالك مطعم لوسين، بندر الدامر، أن مهنة متذوقي الأطعمة، تعتبر نادرة الوجود أو شبه معدومه في السعودية. وأضاف: «نحن كملاك للمطاعم من مصلحتنا وجود هذه المهنة، لتطوير منتجاتنا، خصوصاً أن متذوقي الأطعمة يعرفون طبيعة وثقافة المجتمعات وهو ما يعتمدون عليه في تقييمهم للأطعمة». ولفت الدامر إلى أن المطاعم ستسعى إلى دعوة متذوقي الأطعمة لتجربة أطباقها من أجل الترويج لها، وأكد أن: «الأحكام العادلة والمهنية لمتذوقي الأطعمة ستساعدنا على الترويج لأطباقنا، وأسعارنا مقارنةً بغيرنا».