حاول رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان التنصل من تصريحات وتعليمات أمر بها، في شأن منع الاختلاط في منازل يستأجرها طلاب، بحجة أن ذلك «يتنافى مع مبادئ الشعب التركي المحافظ وعاداته». وعلى رغم عدم وجود قانون يتيح ذلك، بدأت الشرطة التركية في محافظات، حملات دهم لمنازل طلاب وكافيتريات يتجمعون فيها، لتنفيذ تعليمات أردوغان. وأوردت صحيفة «راديكال» أن الشرطة في محافظة أفيون دهمت كافتيريا يتجمع فيها طلاب، وفتشت الطلاب الموجودين وتحققت من عناوين سكنهم وسألتهم اذا كانوا يقيمون في منازل يختلط فيها الشباب والبنات، فيما دهمت الشرطة شقة في محافظة مانيصا وجدت فيها ثلاث طالبات وشابين، وحررت عقوبة في حق جميع الموجودين مقدارها 50 دولاراً للشخص، بحجة ازعاج الجيران الذين ابلغوا عنهم، علماً أن لا نص في القانون التركي يمنع الاختلاط في السكن. وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي أخباراً مشابهة في مختلف انحاء تركيا، عن حملات دهم نفذتها الشرطة في حق طلاب، ومضايقتها لهم بحجج مختلفة. يأتي ذلك فيما حاول أردوغان التنصل من تصريح له أفاد بأنه أمر المحافظين يتفقد مساكن الطلاب ومنع الاختلاط فيها، ونيته سن قانون في هذا الصدد ان اقتضت الضرورة، بل أنه ساجل صحافية سألته عن سبب كلامه، اذ سألها: «هل ترضين أن تسكن ابنتك مع شاب في الجامعة؟ هذا مخالف لعاداتنا وتقاليدنا، نحن شعب محافظ». لكن أردوغان أكد خلال زيارته فنلندا، تحريف تصريحاته، لافتاً الى أنه كان يقصد بعض المساكن الطالبية غير المرخصة وفنادق تعمل بنظام اليوم الواحد تدور حولها شبهة الدعارة. في السياق ذاته، شهد حزب «العدالة والتنمية» الحاكم أبرز وأهم خلاف في تاريخه، بعدما أقدم بولنت أرينش نائب رئيس الوزراء على معاتبة أردوغان على التلفزيون الرسمي، مشيراً الى أنه «أحرجه أمام العالم ولم يراع لا صداقة ولا رفقة درب»، ومضيفاً أنه سيطلب عدم ترشحه لأي منصب في الانتخابات المقبلة، اذ ينوي اعتزال العمل السياسي. وكان أرينش حاول الدفاع عن أردوغان بعد تصريحاته في شأن الاختلاط، نافياً أن يكون رئيس الوزراء يعني منع الاختلاط فعلاً، بل أن تصريحاته «فُهمت خطأً». لكن أردوغان كذّب أرينش، معتبراً أنه «لا يحتاج الى محامي دفاع وأنه يعي ما يقول جيداً»، قبل أن يعلن بعد يومين «تحريف» كلامه. وأرينش ثاني أبرز قيادي في الحزب بعد أردوغان، ورفيق دربه وأكبر القيادات سناً وأكثرهم اعتدالاً وشعبية. وكان رئيس الوزراء كرر أكثر من مرة الاساءة إلى أرينش، اذ كذّبه علناً امام وسائل الاعلام، آخرها عندما رفض اعتذاراً قدّمه أرينش لمتظاهري حديقة «غازي بارك» عن فضّ اعتصامهم بالقوة، مع تعهده اعادة النظر في موضوع البناء في الحديقة. ونفى أردوغان آنذاك وجود أي مراجعة للأمر، ورفض الاعتذار للشباب واعتبرهم «رعاعاً» و«همجيين». ويرى محللون اتراك ان هذا الخلاف كشف مدى التوتر داخل الحزب الحاكم، بسبب تصرفات أردوغان وتصريحاته، اذ يرفض أي مشورة أو نصيحة أو محاولة لانتقاد سياساته أو توجهاته، لدرجة وصل معها الخلاف إلى أهم رفاقه وأقدمهم.