غداة فشل الجانبين الأميركي والروسي في الاتفاق على موعد لمؤتمر «جنيف 2» خلال محادثاتهما، وقع أول انفجار سيارة مفخخة قرب مبنى للاستخبارات الجوية في مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، في وقت باتت حلب في شمال البلاد مهددة بانقطاع الكهرباء. وفي مدينة السويداء، قتل ضابط وسبعة عناصر من الاستخبارات الجوية في تفجير بسيارة مفخخة قرب مقر لهذا الجهاز، الذي يعد الأقوى في سورية، ما يلوح بدخول المدينة ذات الغالبية الدرزية إلى دوامة العنف بعدما كانت بمنأى عنه منذ انطلاق الحراك في مدينة درعا المجاورة لها في بداية العام 2011. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، إن «انتحارياً فجر نفسه بسيارة، ما أدى إلى مقتل رئيس الفرع، وهو ضابط برتبة رائد، وسبعة عناصر». من جهتها، أفادت «الوكالة السورية للأنباء الرسمية» (سانا)، أن التفجير أدى إلى «مقتل ثمانية مواطنين وإصابة 41 آخرين بجروح»، وإلحاق أضرار مادية بالغة في المكان. وعرضت قناة «الإخبارية» السورية لقطات من مكان التفجير تظهر العديد من السيارات المحترقة، في حين يعمل رجال الإطفاء على إخماد النيران التي ما زالت مندلعة في بعضها، وسط تجمع مئات الأشخاص. من جهة اخرى، قالت «سانا» إن ثمانية أشخاص، بينهم امرأتان، قتلوا امس جراء تفجير بعبوة ناسفة في ساحة الحجاز في دمشق وقع عند مدخل مبنى المؤسسة العامة للخط الحديد. وأضافت الوكالة أن 50 شخصاً على الأقل أصيبوا في التفجير، بينهم نساء وأطفال وعمال «كانوا يقومون بأعمال صيانة للمبنى». وفي وسط البلاد، أعلن «المرصد» أن مقاتلي المعارضة سيطروا «على مبان ومخازن في مستودعات الأسلحة التابعة للقوات النظامية قرب بلدة مهين في ريف حمص»، واستولوا على كميات من الأسلحة، وذلك بعد أسبوعين من المعارك العنيفة للسيطرة على هذه المستودعات التي تعد من الأكبر في البلاد. إلا أن مصدراً أمنياً في النظام السوري نفى ل «فرانس برس» سيطرة المقاتلين على الأسلحة، مؤكداً مواصلة المعارك وتكبيد المهاجمين «خسائر كبيرة». وفي شمال البلاد، أفاد المرصد أن مقاتلين من «الدولة الإسلامية» و «جبهة النصرة» سيطروا على محطة حرارية أساسية لتوليد الكهرباء إلى الشرق من حلب، كبرى مدن الشمال السوري. وأعرب عن الخشية من أن يؤدي ذلك إلى قطع التيار الكهربائي عن المدينة التي يتقاسم النظام والمعارضة السيطرة عليها. إلى ذلك، سيطرت القوات النظامية على غالبية بلدة تل عرن ذات الغالبية الكردية في ريف حلب، وذلك بعد أيام من سيطرتها على مدينة السفيرة الاستراتيجية القريبة منها، بحسب «المرصد». وفي الرقة في شمال شرقي البلاد، قطع مقاتلو «الدولة الإسلامية» رأس تمثال يعرف باسم «تمثال الحرية»، ويجسد فلاحاً وفلاحة بالزي التقليدي يرفعان مشعلاً، بطريقة مماثلة لتمثال الحرية في الولاياتالمتحدة. جاء ذلك بعدما فشل مسؤولون روس وأميركيون، بمشاركة المبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي، بالاتفاق على موعد لمؤتمر «جنيف-2»، غير أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغداف واصل أمس لقاءاته مع شخصيات سورية كان بينها نائب رئيس الوزراء السابق للشؤون الاقتصادية قدري جميل ومسؤول المهجر في «هيئة التنسيق للتغيير الديموقراطي» هيثم مناع ورئيس «الاتحاد الديموقراطي الكردي» صالح مسلم، الذي قال ل «الحياة» بعد لقائه بوغدانوف إن «جنيف 2» لن يعقد قبل بداية العام المقبل. ونقل عن نائب وزير الخارجية الروسي تحذيره من تحول سورية الى «صومال ثانية» في المنطقة ومن «الاثار المدمرة» لذلك على دول جوار سورية. من جهته، أعلن بوغدانوف استعداد بلاده لاستضافة لقاء غير رسمي في موسكو بين ممثلين عن النظام والمعارضة قبل المؤتمر الدولي. وأضاف، حسبما نقلت عنه وكالة «انترفاكس» الروسية، أن «اقتراحنا بإجراء اتصالات غير رسمية في موسكو في إطار الإعداد لجنيف- 2 مهم، لخلق أجواء ملائمة وإتاحة مناقشة المشاكل القائمة». إلا أن النظام السوري يؤكد عدم ذهابه إلى «جنيف 2» لتسليم السلطة، ويرفض البحث في مصير الرئيس السوري، الذي تنتهي ولايته في العام 2014. وقال الأسد، خلال استقباله وفداً جزائرياً، إن «مواقف الشعب الجزائري المساندة لسورية ليست غريبة عن هذا الشعب، وخصوصاً أنه خاض تجربة مشابهة إلى حد بعيد لما يعانيه الشعب السوري الآن في مواجهة الإرهاب»، وفق التصريحات التي نقلتها وكالة «سانا». وعلى صعيد ملف السلاح الكيماوي، أكد مسؤولون أميركيون كبار لوكالة «فرانس برس» طالبين عدم نشر أسمائهم، أن «هناك مؤشرات تظهر أن بعض العناصر داخل النظام السوري يريدون الحفاظ على ترسانة الأسلحة الكيماوية». لكنه أضاف أن الولاياتالمتحدة لديها ملء الثقة بفريق المفتشين الدوليين وأنه في حال تبين أن سورية لم تحترم التزاماتها عندها سيتم تشغيل «القنوات الدبلوماسية». بدوره، قال مسؤول في دولة غربية إنه لا تزال هناك «شكوك» حول ما إذا كانت سورية قد صرحت عن كامل ترسانتها الكيماوية، مضيفاً: «لكننا سنترك منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تقوم بعملها».