مُني الحزب الجمهوري بخسائر انتخابية موجعة في ولايتَي فيرجينيا ونيويورك، اذ خسر حاكمية الأولى ورئاسة بلدية الثانية، للمرة الأولى منذ عشرين سنة. وعكست الانتخابات ضياع بوصلة اليمين الأميركي وغياب استراتيجية انتخابية له لاستقطاب الأقليات والمعتدلين الذين يصوّتون بكثافة للديموقراطيين. وفي فيرجينيا، قاد الوجه المعروف في الحزب الديموقراطي تيري ماكوليف حزبه الى الفوز، منتزعاً الحاكمية من الجمهوريين في الولاية ذات التوجه اليميني تقليدياً. واستعار ماكوليف الاستراتيجية الانتخابية للرئيس باراك أوباما، من خلال توظيف المتغيّرات الديموغرافية والكتل النسائية والشبابية لمصلحته، خصوصاً في شمال الولاية، وفاز بفارق 56 ألف صوت ونسبة 48 في المئة، في مقابل 45.5 في المئة للمرشح الجمهوري كين كوشينيلي. وخاض ماكوليف معركته على أساس قيم ليبيرالية تدعو الى تشديد الرقابة على اقتناء الأسلحة، وتعزيز حقوق المرأة في العمل والمساواة للمثليين، فيما استند منافسه الى جدول أعمال أكثر تحفظاً يجاري القاعدة اليمينية للجمهوريين، لكنه لم يكن كافياً لحصد أصوات الأقليات، خصوصاً بعد ربط كوشينيلي بحركة «حزب الشاي» التي كان نوابها وراء التعطيل الحكومي الأخير في واشنطن. وحقّق الديموقراطيون أيضاً فوزاً استثنائياً في نيويورك، بانتخاب بيل دي بلازيو رئيساً لبلديتها، بنيله نسبة 73.3 في المئة من الأصوات، في مقابل 24.3 في المئة لمنافسه الجمهوري جو لوتا. وهذا أول نصر للديموقراطيين برئاسة بلدية نيويورك منذ عقدين، بعدما تولى المنصب مايكل بلومبرغ ورودي جولياني. دي بلازيو، وهو إيطالي الأصل متزوج من أميركية - أفريقية، استفاد من أصوات الأقليات، خصوصاً الأفارقة الأميركيين الذين اقترعوا له بكثافة، علماً أنه تعهد إحداث «تغيير جوهري» ومحاربة «التفاوت» الاقتصادي في نيويورك التي اعتبرها «مدينتين»، إحداهما للأغنياء والأخرى للفقراء. نصر دي بلازيو تزامن مع إعادة انتخاب الجمهوري كريس كريستي حاكماً لولاية نيوجيرسي المجاورة، بفوزه على منافسته الديموقراطية باربرة بونو. كريستي الذي ترشّحه أوساط لانتخابات الرئاسة عام 2016، خاض الانتخابات بوصفه معتدلاً في الولاية ذات التوجّه الليبيرالي، وحاول تمييز نفسه عن القاعدة اليمينية للجمهوريين، علماً أن ميت رومني، المرشح الجمهوري السابق للرئاسة عام 2012، اعتبره «قادراً على إنقاذ حزبنا». وخسرت هذه القاعدة معركة أخرى في ولاية ألاباما، بعد فوز المرشح المعتدل برادلي براين على مرشح «حزب الشاي» دين يونغ في الانتخابات التمهيدية لمجلس النواب. وشكّلت هذه النتائج انقلاباً للخط المعتدل في الحزب الجمهوري على اليمين المتشدد الذي شهد صعوداً منذ عام 2010، وكلّفت سياسته الحزب تراجعاً في شعبيته بين الأقليات والمعتدلين. وعدا القواسم المشتركة التي يعكسها تصويت الأميركيين، في الأجندة المعتدلة ورفض اليمين المتشدد، يشكّل فوز ماكوليف ودي بلازيو نصراً مزدوجاً لآل كلينتون وتعزيزاً لحظوظ هيلاري كلينتون في الترشح لانتخابات 2016. ويُعتبر ماكوليف من الأصدقاء المقربين لكلينتون، وعمِل مع الرئيس السابق بيل كلينتون لفترات طويلة في البيت الأبيض، ولاحقاً في حملة هيلاري، كما ساعد الرئيس السابق مادياً، بعد خروج الأخير من البيت الأبيض وإنفاقه مبالغ ضخمة على الأتعاب القانونية لقضية مونيكا لوينسكي. أما دي بلازيو فكان المدير السابق لحملة هيلاري كلينتون في مجلس الشيوخ عام 2000، وهو من المقربين منها. وسيساعد ماكوليف ودي بلازيو، في موقعيهما الجديدين، الوزيرة السابقة إذا قررت خوض انتخابات الرئاسة عام 2016، والتي تظهر استطلاعات للرأي أنها تتقدّم في السباق على أي مرشح ديموقراطي آخر. كما تفيد هذه النتائج الحزب الديموقراطي في الإعداد لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، والبناء على استراتيجية تهاجم «حزب الشاي» وتستقطب المعتدلين.