ما هي الخطة في خطوطها العريضة؟ وهل الصراع عليها سياسي محض، أي عبارة عن وجه جديد للخلاف التقليدي بين الجمهوريين والديموقراطيين؟ أم هل للمعترضين عليها وجهة نظر موضوعية؟... تظاهر عشرات الألوف من الأميركيين في واشنطن خلال عطلة نهاية الأسبوع احتجاجاً على خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما لإصلاح نظام العناية الصحية في الولاياتالمتحدة. وحمل المتظاهرون، الذين غلب عليهم الانتماء الجمهوري، لافتات وصاحوا بشعارات تنتقد إنفاق الإدارة الديموقراطية أموال دافعي الضرائب على برنامج ضخم لإنعاش الاقتصاد، كلّف 787 بليون دولار، ونيتها إنفاق 50 إلى 65 بليون دولار سنوياً خلال السنوات ال10 المقبلة لإصلاح نظام العناية الصحية. لكن ما هي الخطة في خطوطها العريضة؟ وهل الصراع عليها سياسي محض، أي عبارة عن وجه جديد للخلاف التقليدي بين الجمهوريين والديموقراطيين؟ أم هل للمعترضين عليها وجهة نظر موضوعية؟ تنفق الولاياتالمتحدة تريليوني دولار سنوياً على العناية الصحية، لكن 46 مليون أميركي، من أصل 304 ملايين هم سكان الولاياتالمتحدة، لا يتمتعون بتأمين صحي. ويشمل غير المستفيدين مهاجرين غير شرعيين وفقراء وشبان لا يشعرون أنهم في حاجة إلى تأمين كهذا. ومع تفاقم الركود الاقتصادي، يبدو عدد غير المتمتعين بتأمين صحي إلى ازدياد، فنحو 14 ألف شخص يخسرون تأمينهم الصحي يومياً بسبب خفض الوظائف. لا يتفق الجمهوريون مع الديموقراطيين على ضرورة ان تضع الحكومة خطة في هذا الصدد، هي في الواقع برنامج حكومي للتأمين الصحي، ينافس القطاع الخاص في سوق ستجعلها الخطة إلكترونية قائمة على الإنترنت. وفيما يصر أوباما، الذي قوطع خطاب ألقاه قبل أيام في الكونغرس عن الخطة بتصفيق من الغالبية الديموقراطية واتهامات من الأقلية الجمهورية، على ان البرنامج الحكومي العتيد سيجبر شركات التأمين الخاصة على ان تبدي نزاهة أكبر في تعاملها مع الزبائن، يقول الجمهوريون ان سيطرة الحكومة على القطاع ستقارب التأميم. ويختلف الطرفان على آليات العناية الصحية، فالجمهوريون يتخوفون من تراجع نوعية الخدمات التي يقدمها الأطباء والمستشفيات في حال تراجعت الحوافز المالية. تملك الحكومة اليوم برنامجاً للتأمين الصحي اسمه "ميديكاير" يغطي الأميركيين المسنين وفئات محددة أخرى. وثمة من يتوقع في حال إقرار خطة أوباما ان يتسع نطاق "ميديكاير" بحيث تحدد أقساط التأمين والخدمات. ويتوقع آخرون الاكتفاء بفرض ضوابط على الشركات الخاصة بحيث تجعل التأمين الصحي متوافراً للجميع؛ وفي حال فشل الضوابط في تحقيق النتائج المرجوة بعد سنوات، تفرض الحكومة برنامجها الخاص. وحين يصبح التأمين الصحي إلزامياً، سيتدفق زبائن جدد على شركات التأمين، فتحقق مكاسب إضافية، كما ستزيد مبيعات العقاقير، فتزداد مكاسب الشركات الصيدلانية. وستكبر مكاسب الأطباء والمستشفيات مع تقلص الخدمات الطبية والاستشفائية المجانية. أما سبل تغطية كلفة الخطة فلم تتقرر بعد. فهناك من يقترح تقليص الإعفاءات الضريبية المقدمة للعائلات التي تكسب أكثر من 250 ألف دولار سنوياً، فيما يرى آخرون وجوب فرض ضرائب إضافية على الأفراد الأثرياء، ويدعو البعض إلى فرض ضرائب على المشروبات الغنية بالسكر، خصوصاً منها المشروبات الغازيّة. وعلى رغم خلافهم الحاد على الخطة، يتفق الجمهوريون والديموقراطيون على بعض الأمور، فالطرفان يرغبان في تحديث الطرق التي ينال من خلالها الأطباء والمستشفيات الأجور، وفي تمكين الزبائن من مقارنة الخدمات والأكلاف بين شركات التأمين المختلفة على الإنترنت. ويريد الطرفان أيضاً منع شركات التأمين من إبطال بوالص من يُصابون بأمراض مزمنة.