في «توتير» تستطيع أن تعرف حقيقة المجتمع، وكيف يناقش قضاياه بعيداً عن الرسمية وجلسات الحوار الوطني النخبوية التي تدار خلف الجدران، ولا نسمع ماذا تم بتوصياتها، في «توتير» تابعت قضية تغريدة للكاتب أحمد العرفج حول المدرب الهلالي سامي الجابر الذي أبدى فيها تحفظه على سامي كمدرب، إذ قال: إن جدته، أي العرفج، لو دربت الهلال بهذه الإمكانات من لاعبين وإدارة وجماهير لنجحت في التدريب، وحصلت على الدوري، وقال أيضاً: إذا كان سامي بالفعل ناجحاً كمدرب فليدرب الأندية ذات الإمكانات البسيطة، وقال: إن الجابر قد يصلح معلم «كبدة» و«مندي» لكن ليس مدرباً، وهذه مهن شريفة، كما تمنى على نفسه أن يكون سائق «تاكسي». إن ما تعرض له العرفج من شتائم وقذف وسب لشخصه وعائلته قبيح، ويجب عدم السكوت عنه من الجهات المعنية، بخاصة أن من قام بتلك الحملة ضده في «توتير» هم من الكتاب الرياضيين المعروفين الذين لهم كتابات يومية وأسبوعية في الصحافة الرياضية المطبوعة لدينا، فالعرفج برأي عبر عن رأيه بكل شفافية ووضوح وهذا من حقه، وتهكم على سامي بعبارات قد نتفق أو نختلف عليها، وهي ليست جارحة في حق شخص سامي، فكما هو معروف في عالم الإعلام أن الشخصية العامة والمشاهير يتعرضون للنقد والسخرية في وسائل الإعلام في كل دول العالم، فيتقبلها الجمهور، ويدمن على متابعتها، لكن ما تعرض له العرفج من سب وهجوم في ذاته لا يدخل في هذا الجانب، فنجد اتهامه بالعمالة مثلاً والعلماني والخائن لوطنه وأمته، والسبب هو تعبيره عن رأيه في مدرب نادي رياضي مشهور كنادي الهلال، وصول الحال في بعض جماهيره إلى تقديم سامي على الكيان الهلالي الذي أنا أحد عشاقه، ولكن علينا أن نعترف بحق النقد والاختلاف، وألا تشخصن قضايا الاختلاف، وأن تصل ببعض من هاجموا العرفج بالنبش في مقالاته وتكييفها بتلك الاتهامات البذيئة، ونجد البعض منهم مثلاً يطالبه بالابتعاد عن المواضيع الرياضية، فهو دكتور ومثقف، وأن مثل هذه الآراء ليست مناسبة لمن هم في درجته العلمية، هل مثل هذه الأقوال اعتراف بأن الوسط الرياضي لا يليق بأصحاب الدرجات العلمية والمثقفين، وهو ساحة للبسطاء ومحدودي العلم والثقافة، لكن هذا غير صحيح، فالكتّاب الرياضيون منهم من يحمل الدرجات العلمية الرفيعة، ويعمل في المجال الإداري والكتابة الصحافية الرياضية والتحليل التلفزيوني الرياضي، ويطل علينا كل يوم، أعتقد أن من يطالبونه بالترفع عن هذه القضايا في المجال الرياضي مشكلتهم «التعصب الرياضي»، فلو أن العرفج امتدح سامي كمدرب لهللوا به، وابتهجوا به في الصحافة الرياضية، لكن مشكلتنا هي في الاختلاف وكيفية مناقشته، وهذا ليس باستثناء في قضايانا الاجتماعية، بخاصة مثل عمل المرأة وقيادتها السيارة وموقفنا من الهيئة والقضايا المذهبية والمناطقية، فعندما نناقش هذه القضايا في «توتير» تجد أننا نتعدى على بعض، ونخون الآخرين، ونتهمهم في ذواتهم. في المجال الرياضي بخاصة في السجلات الرياضية في الصحافة الورقية ومنذ فترة طويلة نجد أنها تتمتع بمساحة كبيرة من هامش الحرية للنقاش، مقارنة بالمجالات الأخرى كالقضايا السياسية والثقافية والاجتماعية، باعتقادي أن ما سمح به للرياضيين من كتاب رياضة ومحللين ورؤساء أندية جعلهم في وقتنا الحاضر يتصدرون المشهد الإعلامي لدينا، وبسبب جماهيرية الرياضة في كل دول العالم أصبحوا متابعين من شرائح كبيرة في مجتمعاتهم، وهذا لا مشكلة فيه، لكن في الغالب بخاصة في مجتمعنا هم وحدهم يصلحون في المجال الرياضي مع بعض التحفظات، كما هم يطالبون العرفج وغيره بعدم الخوض في الشأن الرياضي. وكمجتمع، لدينا بعض القضايا المهمة التي علينا مواجهتها، مثل قضية العنصرية بأشكالها المتعددة، نجد أنها منتشرة في المجال الرياضي للأسف، وتنتقل من أقلام وكتابات بعض الكتاب الرياضيين إلى المدرجات ومن ثم إلى وسائل الإعلام والمجتمع بأكمله، فبعضهم قمة في العنصرية والتعصب لأنديتهم، فمثل هؤلاء لا يمكن أن يتحدثوا عن الإقصاء والعنصرية، وهم من يشعلها بكتاباتهم، فالقضية تحتاج إلى ضبط جدي كما في المجالات الأخرى. [email protected] @akalalakal