فيما بدأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري مساء اليوم (الأحد)، زيارة إلى المملكة تستغرق يومين، قال عضو مجلس الشورى السعودي الدكتور زهير الحارثي، إن زيارة المسؤول الأميركي تأتي ل«طمأنة السعوديين على عمق العلاقات الاستراتيجية»، مضيفاً: «بالتأكيد أن هذه الزيارة لا تشبه الزيارات السابقة، ولكن اختلاف وجهات النظر بين الرياضوواشنطن لا يعني القطيعة، ودور السعودية مهم ومطلوب للولايات المتحدة». وأكد الحارثي، في حديث ل«الحياة» اليوم، أن «المملكة ستجدد التأكيد على موقفها وموقف دول الخليج العربي في ما يتعلق بدعم المعارضة السورية، وتطبيق بنود مؤتمر جنيف1، ويبدو أن الولاياتالمتحدة أصبحت مضطرة لأن تستوعب آراء ومطالب حلفائها في المنطقة، بعد الفترة التي شهدت فيها سياستها مشكلات عدة». وأضاف: «الزيارة واضحة أنها تسعى لترميم العلاقات، ومعالجة الأخطاء التي ارتكبتها السياسة الأميركية خلال الأشهر الماضية، وهي التي أربكت علاقاتها مع أطراف المنطقة». وحول التقارب الإيراني - الأميركي خلال الفترة الماضية قال الحارثي: «في الفترة الماضية كانت الولاياتالمتحدة تؤكد أنها لن تسمح بوصول إيران لإطلاق القنبلة النووية، ويبدو أن السعوديين يرغبون في عدم اختزال العلاقات الأميركية - الإيرانية في الشق النووي فقط، وإنما هناك ملفات أخرى، مثل الإرهاب والتدخل في شؤون المنطقة العربية، كما أن الخليجيين يرغبون في رؤية جديدة لأميركا تجاه العلاقات مع إيران». إلى ذلك، تأتي زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى الرياض في أعقاب اهتزاز ثقة أبرز حليف لواشنطن في المنطقة إثر تحولات في السياسة الأميركية دفعت بالسعودية التي طالما تبنت نهجاً محافظاً إلى التخلي عن ديبلوماسيتها الهادئة. ومن المتوقع أن يلتقي كيري المسؤولين السعوديين، لتخفيف حدة التوتر بين الحليفين، ومرده الخلافات حول إيران وسورية خصوصاً. وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، إن زيارة كيري «تشكل فرصة لمحادثات على أعلى مستوى حول كل المسائل التي نعمل عليها مع السعودية». وبالنسبة لسورية، تابع المسؤول أن المحادثات التي «لا نزال نجريها مع السعوديين تتمحور حول أفضل السبل لمساعدة تحالف المعارضة وجناحها العسكري، لتأكيد الثقة بأنفسهم للذهاب إلى جنيف، والشعور بأنهم على استعداد لمحاورة النظام بمساعدة الموفد الخاص الأخضر الإبراهيمي». وتشهد العلاقات الأميركية - السعودية فتوراً، على رغم نفي واشنطن، بسبب الملف السوري والتقارب الأميركي مع إيران، كما أدى تردي العلاقات التي بدأت إبان الثلاثينات إلى إعلان السعودية رفض مقعد في مجلس الأمن الدولي. وأعلنت الرياض في 18 تشرين الأول (أكتوبر) رفضها مقعداً غير دائم في خطوة غير مسبوقة بهدف الاحتجاج على «عجز» المجلس، وبالتالي واشنطن أيضاً إزاء النزاع السوري. ويأخذ السعوديون، بحسب مراقبين، على حلفائهم الأميركيين عدم قيامهم بضربات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. يذكر أن العلاقات الثنائية ترسخت خلال اللقاء بين الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت والملك عبدالعزيز على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر عام 1945. وقال رئيس معهد الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن صقر لوكالة فرانس برس: «فضلاً عن سورية، فإن التباينات متعددة بين الرياضوواشنطن حيال الملف الإيراني في شقيه النووي والسياسي والعراق، حيث الوضع الأمني المنهار ومصر وغيرها». وتابع رداً على سؤال: «تخلت المملكة عن الديبلوماسية الهادئة بعد أن تفهمت مطولاً الدوافع الاميركية وراء الفيتو على تسليح المعارضة السورية، على رغم تلقيها وعوداً لكن شيئاً لم يتحقق». وحول ما تردد عن رفض السعودية استقبال الموفد الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي قال: «أعتقد أن اللقاء بين وزير الخارجية سعود الفيصل والإبراهيمي في باريس كان كافياً، إذ أوضح للمملكة الكثير من مواقفه». واعتبر الإبراهيمي خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق أن «مشاركة إيران في جنيف 2 أمر ضروري»، لكن السعودية ترفض مشاركة إيران، وترى أن «الحل يكمن في مشاركة منظمات إقليمية مثل الجامعة العربية والتعاون الإسلامي في المؤتمر بدلاً من طهران»، بحسب ابن صقر الذي اعتبر أن مشاركة إيران «تبرر مشروعية تدخلها في الشأن العربي». وفي هذا السياق، قال المسؤول الأميركي إن السعوديين «واضحون للغاية بالنسبة لما يشكل قلقاً لهم، ونتفق معهم تماماً في هذا الأمر، نحن لا نتجه مطلقاً لتغيير نظرتنا إلى دعم إيران للعمليات الإرهابية والمجموعات الإرهابية في المنطقة». وأضاف أن محادثات «خمسة زائد واحد» تسير بكل وضوح نحو التأكد من أن إيران لن تمتلك سلاحاً نووياً، ونتفق تماماً مع السعودية في هذه النقطة. والسؤال هو التأكد من أنهم يتفهمون تفاصيل موقفنا الحازم تجاه طهران.