أساس البطولة كما تروي قصص التاريخ والأدب التضحية، ولطالما حظت الأم في تاريخ البشرية بهذا الشرف الذي جسدته من جديد المواطنة السعودية عائشة العنزي التي ضحت بحياتها من أجل إنقاذ زوجها وأطفالها، أمر ليس بمستغرب ممن كانت الجنة تحت أقدامها، ولكنها تترك في قلوب من تركتهم حزناً لا ينسى، وفي عقول من يستمعون إلى قصتها معنى للتضحية التي تكررها الألسن وتغيب عن الأفعال. عائشة العنزي (29 عاماً) أم لثلاثة أطفال وحبلى بالرابع، تركت طفليها راشد (5 أعوام) وابنتها يارا ذات الثلاثة أعوام وشقيقهما الآخر الذي لم تتوافر معلومات حوله حتى ساعة إعداد هذا التقرير، من دون أم هذا الصباح، بعدما قررت التضحية بنفسها من أجل زوجها الذي زلّت قدمه عند وقوفه في مجرى السيل ليل أول من أمس، وسارعت لإنقاذه وبمجرد أن خرج جاءت موجة سيل غادرة وحملتها في طريق سيرها. وبعد عمليات بحث طويلة ومضنية لفرق الدفاع المدني جاء الخبر المفجع، إذ كانت أسرتها تعيش على أمل بأن تكون حية ترزق، ولكن الأقدار جاءت بعكس ما تشتهي رياح الأسرة المنكوبة، إذ وجدت ميتة على مسافة بعيدة من موقع جرفها وبعد 8 ساعات من فقدانها. ويضرب بعائشة العنزي المثل في التضحية والإخلاص والاجتهاد، إذ سعت، على رغم رفض إدارة عملها في مستشفى عرعر المركزي تفريغها للدراسة، إلى الجمع بين عملها ودراستها من دون إهمال واجباتها المنزلية، وهي تعمل في قسم النساء والولادة بالمستشفى. وستظل النزهة الأسرية آخر الذكريات معها لزوجها المنوم في مستشفى عرعر المركزي حالياً وأطفالها الثلاثة، الذين خرجوا إلى موقع على طريق طريف الدولي غرب مدينة عرعر. وأوضح مصدر أمني مطلع في الدفاع المدني ل«الحياة» أن المديرية تلقت بلاغاً يفيد بفقدان امرأة تبلغ من العمر 29 عاماً برفقة زوجها وأطفالها على طريق طريف الدولي غرب مدينة عرعر، مضيفاً: «أفاد البلاغ بأن المرأة فقدت بعد أن أنقذت زوجها وأطفالها من السيول». وأشار المصدر إلى أن فرق الإنقاذ في الدفاع المدني استطاعت العثور على جثتها بعد أن توفاها الله غرقاً في السيول. من جهته، قال المتحدث الرسمي للإدارة العامة لهيئة الهلال الأحمر في منطقة الحدود الشمالية مساعد غالي العنزي إن فرقتي إسعاف من مدينة عرعر باشرت فجر أمس حالة وفاة لامرأة وإصابة لرجل. ويُصلى عصر اليوم على بعض شهداء غرق سيول عرعر في مسجد الملك عبدالعزيز، إذ من بينهم الممرضة والأم عائشة العنزي.