لاحظ البنك الدولي أن النمو في لبنان «يتراجع من دون توقف»، متوقعاً أن يسجل 1.5 في المئة هذه السنة». وكشف عن «وجود 170 ألف فقير لبناني جديد نتيجة الأزمة السورية، التي مع غياب الحكومة يبطئان النمو». ووردت هذه الأرقام للبنك الدولي في ندوة بعنوان «الأزمة الاقتصادية في لبنان - الأخطار والفرص»، نظّمها تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين برئاسة فؤاد زمكحل الذي أكد ضرورة أن «تنفّذ الشركات اللبنانية إعادة هيكلة على كل المستويات للتعامل مع هذه الأزمة غير المسبوقة»، مقترحاً «إعادة جدولة ديونها بمساعدة القطاع المصرفي الذي لا يوفر أي جهد لمساعدة الشركات الخاصة، وإعادة هيكلة استدانتها من خلال جذب المستثمرين وفتح رأس مالها، وخفض كلفتها الثابتة والمتقلبة، وتطوير أسواق تجارية جديدة مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا، ووضع استراتيجيات جديدة للتوريد بالاعتماد على ميزاتها التنافسية». وعلى صعيد الدولة، اعتبر أن في إمكانها مساعدة القطاع الخاص عبر تقديمها «القروض المدعومة للأموال التشغيلية، وضخ مزيد من السيولة في القطاعات الإنتاجية، وسلة من الحوافز الضريبية، وتشجيع إنشاء الشركات الصغيرة، وإنجاز قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتوفير الحد الأدنى من الأمن والاستقرار». وأعلن المدير الإقليمي للبنك الدولي فريد بلحاج، أن «البطء المؤسساتي في لبنان لافت، كما أن غياب الحكومة والأزمة السورية يبطئان النمو. فيما يسود المشهد اللبناني انعدام في الثقة وقلة حماسة المستثمرين للمجازفة». وشدد على أن للوضع الإقليمي «أثراً بالغاً»، إذ «تُتخذ القرارات في الخارج وليس في لبنان». ولفت إلى أن «الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد نشأت قبل الأزمة السورية». وأشار إلى أن لبنان «يحتل المرتبة 123 في تقرير «مزاولة الأعمال»، آسفاً أن «تسبقه دول مثل العراق». وأشاد بلحاج ب «المهارات اللبنانية الموجودة في كل مكان». وقال «سيوجد حل للأزمة السورية وعندئذ يجب أن يستفيد لبنان ويقوي وضعه لدى إعادة إعمار سورية، من خلال الفرص التي تلوح في الأفق أي النفط والغاز إذا ما أُديرت في شكل صحيح، واللجوء إلى الجالية اللبنانية وهي أكبر مستثمر في لبنان». وأشار إلى أن اللبنانيين كانوا أكبر المستثمرين لدى إصدار سندات اليوروبوند». وكشف الخبير الاقتصادي الرئيس في قسم منطقة الشرق الأوسط إريك لو بورني عن الأرقام الأخيرة الصادرة عن البنك الدولي والعائدة إلى «المراقب الاقتصادي في لبنان»، وهي «سلبية للسنوات 2012 - 2013 وتفاقمت نتيجة الأزمة السورية». ولفت إلى أن «النمو يتراجع من دون توقف ويُتوقع نسبة 1.5 في المئة هذه السنة، منها 1.3 في المئة يعود إلى الإنفاق العام أي زيادة الأجور في القطاع العام وارتفاع حجم الدعم العام للاجئين، ونسبة 0.2 في المئة فقط إلى الإنفاق الخاص الناتج تحديداً عن التصدير والخدمات. في حين يمثل الاستهلاك الخاص 0.5 في المئة من الناتج المحلي». أما قطاع الخدمات فهو «متأثر جداً ويمثل فقط نسبة تتراوح بين 0.1 أو 0.2 في المئة من النمو المتوقع». ويعوّق الاستثمار النمو بسبب «انخفاض قوي في وضوح الرؤية». لكن القطاع الصناعي «يشهد تحسناً ملموساً». وأسف لو بورني ل «عودة العجز إلى نقطة الصفر، بعدما كان تراجع منذ العام 2006 من 180 في المئة من الناتج حتى 134 في المئة عام 2012 ، نتيجة زيادة الأجور في القطاع العام والإنفاق الحكومي على اللاجئين السوريين». وفي مجال التضخم، أوضح أن مشكلته في لبنان «تكمن في احتساب سيء للأرقام التي تدل على معدل تضخم مرتفع عام 2012، إذ يلعب عنصر «الإيجار» دوراً مهماً في زيادة مقياسه، لكن هذا الأمر غير صحيح لأن احتساب مؤشر الإيجارات يجري كل ثلاث سنوات، وفي هذه الحال نلاحظ أثراً معاكساً في التضخم الذي يتراوح فعلاً بين 5 و6 في المئة». واستناداً إلى تقارير 14 وكالة تابعة للأمم المتحدة، أفاد لو بورني بأن «تأثير الأزمة السورية في الاقتصاد والمالية العامة أظهر استقرار الإيرادات، في مقابل ازدياد النفقات بقيمة 1.1 بليون دولار على مدى ثلاث سنوات، ما يؤدي إلى زيادة في الإنفاق والأرباح بقيمة 2.6 بليون دولار خلال الفترة ذاتها». ولفت إلى أن للأزمة السورية «تأثيراً مباشراً في النمو بنسبة 2.9 في المئة، أي كان يجب أن يسجل الاقتصاد نمواً نسبته 4.5 في المئة». وكشف عن «وجود 170 ألف فقير لبناني جديد نتيجة الأزمة السورية». ورأت الدراسة ضرورة «استثمار 2.9 بليون دولار للعودة إلى الوضع الذي كنا عليه قبل الأزمة». واقترح البنك الدولي استراتيجية لمعالجة الوضع بعد الأزمة، أبرز ما فيها «طلب منح للمشاريع القائمة، والدعم المالي المباشر، وتجنيد القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع شراكة مع القطاع العام بنظام (PPP)».