رأى معهد التمويل الدولي، أن الخريطة السياسية المستقبلية في المنطقة «لا تزال غير واضحة، لأن الأيديولوجيات الجامدة تصارع الواقعية السياسية». ولفت إلى أن هذه التطورات «كبحت الاستثمارات وساهمت في تأجيل التعافي الاقتصادي في الدول التي تمر في مرحلة سياسية انتقالية». وأعلن المعهد في تقرير عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي نُشر بالتعاون مع «بنك بيبلوس»، أن «الإجراءات الملحّة لرفع مسار النمو وخفض مستويات البطالة، تشمل إعادة استتباب الأمن وحكم القانون، وتنفيذ إصلاحات بنيوية جذرية». وأشار إلى أن «اقتصاد سورية انكمش بنسبة 20 في المئة، ويمكن إنفاق احتياطات النقد الأجنبي بكاملها نهاية العام المقبل». ولفت إلى أن «معدل التضخم ارتفع إلى 40 في المئة، وهبط سعر الصرف الرسمي لليرة السورية أمام الدولار 51 في المئة». وأكد نائب مدير قسم الشرق الأوسط وأفريقيا في معهد التمويل الدولي غربيس إيراديان في مؤتمر صحافي في مقر «بنك بيبلوس» في بيروت، أن «الصراع المتفاقم في سورية لا يزال يهدّد الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان». ولم يستبعد «استمرار تباطؤ نمو الناتج المحلي الحقيقي في لبنان ليصل إلى 0.6 في المئة هذه السنة، بعدما انخفض إلى 1.8 في المئة عام 2011 من 7 في المئة عام 2010». وشدّد على أن «ترسيخ حكم القانون وتحسين الوضع الأمني المحلي يدعمان النشاط الاقتصادي عام 2013». وأعلن أن القطاع المصرفي اللبناني «لا يزال صامداً بفضل المودعين الأوفياء وتحويلات ثابتة من المغتربين اللبنانيين، كما لا تزال الليرة اللبنانية مستقرّة». ولاحظ أن «الاحتياط الرسمي من العملات الأجنبية في لبنان لا يزال يرتفع». ثقة المستهلك اللبناني وأشار كبير الاقتصاديين مدير قسم البحوث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة «بنك بيبلوس» نسيب غبريل، إلى أن ثقة المستهلك اللبناني كما ثقة المستثمر اللبناني والأجنبي «تستمر في التأثر بعدم الاستقرار السياسي المحلي والاضطرابات الإقليمية، لذا لن يكون مفاجئاً أن يسجل لبنان نسبة نمو لا تتعدّى واحداً في المئة هذه السنة». وقال: كان يمكن لبنان الحد من التداعيات السلبية على اقتصاده نتيجة الاضطرابات في سورية، لو أن السياسيين والمسؤولين الرسميين والحكومة قاموا بمجهود مشترك للحفاظ على الاستقرار السياسي، ولو أنهم اعتبروا المسائل الاقتصادية والمالية أولوية. وأكد أن الاقتصاد اللبناني «يحتاج إلى صدمة سياسية إيجابية بحجم الصدمة التي ولّدها اتفاق الدوحة لتعيد رفع ثقة المستهلك اللبناني والمستثمر». وأعلن غبريل، أن المرحلة الانتقالية في البلدان التي شهدت تغيرات سياسية «ستكون شاقة وطويلة ومحفوفة بالتحديات، وستبقى مستويات النمو الاقتصادي فيها منخفضة على المدى القريب». وشدد إيراديان، على أن المستثمرين الأجانب «يحتاجون إلى وضوح أكثر في ما يتعلّق بالاتجاه السياسي للحكومات الجديدة في المنطقة». ولم يستبعد أن «يعوّق استمرار الأزمة وتدهور الوضع الأمني في سورية، الانتعاش في حركة السياحة والاستثمار الخاص في الأردن ولبنان».