استعاد اهالي ضحايا كارثة العبّارة الاندونيسية جثامينهم امس، بعد اكثر من شهر على وقوع الحادث المأسوي على ضفاف الساحل الاندونيسي حين كان هدف الركاب اللبنانيين ومعهم آخرون من جنسيات اخرى، الدخول خلسة الى استراليا من طريق المافيات. وطغى الحزن على محيط مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت حيث انتظر العشرات من اهالي الضحايا اللبنانيين وجلّهم من منطقة عكار الشمالية الاكثر فقراً في البلاد، وصول الطائرة المحمّلة بنعوش الضحايا. وبلغ عدد الجثث 34 من اصل 35 شخصاً ابتلعهم البحر اطفالاً ونساء ورجالاً اذ لم يجر تزويدهم بأي وسيلة نجاة في حينه، وتمكن قلة من الركاب من النجاة بعدما فقد كل افراد عائلته وأملاكه التي باعها وسلم قيمتها الى متعهدي التجارة بالأمل. وفيما حضر الى المطار اعضاء في حكومة تصريف الاعمال لاستقبال الجثامين، جدد رئيس الجمهورية ميشال سليمان من قصر بعبدا تعازيه بالضحايا، مجدداً تأكيده ان ما حصل «يجب ان يكون حافزاً ووقفة ضمير لإصلاح الشأن السياسي والاقتصادي في البلد لجهة ايلاء الاهتمام بالوضع الحياتي والمعيشي للبنانيين كي لا يضطروا الى اتباع الطريقة التي حصلت مع العبارة بحثاً عن لقمة العيش». ووصف وزير الداخلية مروان شربل في تصريح من المطار، «هذا اليوم بأنه يوم حزن على الوطن بأسره، لأن هذا المشهد يعبر عن المأساة الوطنية، وأنا أعبر عن ذلك باسم كل اللبنانيين، ولا يسعنا إلا أن نشكر رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي وحكومة تصريف الاعمال على الدور الذي قاموا به لاستعادة الجثامين، وباسمهم أشكر جميع اللبنانيين المتعاونين معنا حتى استطعنا أن ننظم وصول الجثامين الى لبنان اليوم بالشكل الذي رأيتموه، وإن شاء الله يستقبلون في قراهم وبلداتهم بالتكريم نفسه، ويكون هذا آخر حزن يعيشه لبنان، ويكونون فداء عن لبنان». وأعلن شربل «ان كل متدخل أو شريك أو فاعل أو محرض على التغرير بالذين قضوا في البحر، معروف، وأسماؤهم لدى القضاء اللبناني، والمتوارون المتهمون صدرت في حقهم مذكرات توقيف». وكان حضر الى المطار الى جانب الاهالي وزير الخارجية عدنان منصور ممثلاً الرئيس سليمان والنائب علي بزي ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والوزير أحمد كرامي ممثلاً رئيس الحكومة المذكورة نجيب ميقاتي، ومثل النائب خالد زهرمان رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة. وحضر ممثل عن مفتي الجمهورية وشخصيات سياسية وحزبية ورجال دين وفاعليات شمالية. وأشرف شربل على الترتيبات اللوجستية لجهاز امن المطار من اجل إخراج الجثامين من ساحة الشحن في المطار. ولُفّت النعوش بالأعلام اللبنانية ونقلت الى سيارات إسعاف تابعة للدفاع المدني كانت منتظرة لنقلها الى البلدات والقرى التي ينتمي الضحايا اليها لتوارى الجثامين فيها وسط مراسم عزاء مؤثرة في اكثر من محطة وأولها طرابلس. وواكبت قوى الأمن الداخلي نقل الجثامين. وكان الأمين العام ل «الهيئة العليا للاغاثة» ابراهيم بشير اعلن من المطار أن «الملف اللبناني في اندونيسيا انتهى بشكل نهائي، وأن جثة رضيع عمره نحو سنة لا تزال مفقودة ومن الصعب أن يلفظها البحر». واستنكر الأمين العام ل «تيار المستقبل» أحمد الحريري بعد وصوله إلى المطار، «عدم فتح صالون الشرف للأهالي»، معتبراً «أن هناك طرفاً بسمنة وطرفاً بزيت». واعتبر في تصريح الى محطة «المستقبل» أن «من يتحمل المسؤولية عن كارثة اندونيسيا هو الوضع الاقتصادي، الذي يدفع بالناس للهرب من لبنان، بأي طريقة، بحثاً عن لقمة العيش». ميقاتي وكان المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي نفى «ما روّجه اعلام «تيار المستقبل» عن ان ميقاتي «يحاول تأخير وصول الطائرة التي تقل جثامين الضحايا اللبنانيين في كارثة العبّارة الاندونيسية الى مطار بيروت لأهداف سياسية»، معتبراً «أن بعضهم لم يعد لديه حدود واحترام لأي شيء حتى لحرمة الموت، ويسعى لاستغلال كل الدماء وأرواح الضحايا لتنفيس احقاد سياسية ليس الا». وشدد على «ان السلطات اللبنانية، وبتوجيه من الرئيس ميقاتي، استأجرت طائرة خاصة لنقل الجثامين وطلبت من السلطات الاندونيسية الاسراع في الاجراءات الادارية لتأمين وصول الطائرة خلال النهار، لتمكين ذوي الضحايا من دفنهم بالشكل اللائق. كما طلب من وزير الداخلية إنشاء غرفة عمليات طارئة للإسراع في انجاز الترتيبات في مطار بيروت لإيصال الجثامين الى بلدات عكار».