حرصت إسرائيل على أن يتزامن النشر عن اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة أمس للتصديق على قائمة الأسماء الأولى (من أربع قوائم) للأسرى الفلسطينيين الذين ستفرج عنهم بعد غد، مع قرار وزير الإسكان والبناء أوري أريئل، وبضوء أخضر من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، نشر عطاءات جديدة لبناء 1187 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات مختلفة في أنحاء القدس والضفة الغربية المحتلتين، وسط تأكيد أوساط نتانياهو لصحيفة «معاريف» أنه تم تنسيق الأمر مع الإدارة الأميركية «التي سلّمت بالبناء المنضبط في المستوطنات في مقابل الإفراج عن الأسرى»، وفق موظف أميركي كبير. ويؤكد قرار بناء المزيد من الوحدات السكنية الاستيطانية أن الحكومة الإسرائيلية ما كانت لتوافق على الإفراج عن 104 أسرى فلسطينيين يقبعون في سجون الاحتلال قبل اتفاقات أوسلو، أي منذ عشرين عاماً وأكثر (على أربع مراحل) تمهيداً لاستئناف مفاوضات السلام بعد غد، لو لم يتعهد نتانياهو لوزراء حزبه «ليكود» وحزب المستوطنين «البيت اليهودي» بمواصلة البناء في المستوطنات من دون قيود. وطبقاً لقرار الوزارة، فإن البناء يشمل أيضاً أربع مستوطنات غرب الجدار الفاصل (394 وحدة سكنية) مزروعة في قلب الضفة وليس فقط في الكتل الاستيطانية الكبرى (793 وحدة)، أي في محيط القدسالمحتلة تعتبرها إسرائيل جزءاً منها في أي اتفاق مستقبلي. وكانت صحيفة «هآرتس» توقعت قبل أسبوعين إعلان بناء هذه الوحدات مع إقرار قائمة الأسرى المفرج عنهم، وكتبت أن نتانياهو تعهد أمام وزير الخارجية الأميركي جون كيري ب «ضبط البناء» خلال أشهر المفاوضات التسعة، وبناء ألف وحدة سكنية «فقط»، لكن زعيم «البيت اليهودي» وزير الاقتصاد نفتالي بينيت وزميله وزير الإسكان أكدا قبل أيام أن مشاريع بناء جديدة ستطلق قريباً. تنسيق مع واشنطن وذكرت صحيفة «معاريف» أن نشر العطاءات الجديدة يتم بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة. ونقلت عن موظفين أميركيين تأكيدهم أن إسرائيل لم تلتزم، مع الإعلان عن استئناف المفاوضات، وقف البناء على رغم أن الموقف الأميركي الرسمي يقضي برفض البناء في المستوطنات. وأضافوا أن الفلسطينيين على علم بأن إسرائيل ستواصل البناء الاستيطاني «تماماً مثلما تعلم إسرائيل بأن الفلسطينيين سيقومون بخطوات تستفزها خلال أشهر المفاوضات التسعة». ووفقاً لمصدر أميركي رفيع المستوى، عرضت إسرائيل هذا البناء في المستوطنات «كجزء من سياسة العصا والجزرة التي تتيح لنتانياهو المحافظة على ائتلافه الحكومي ومواصلة العملية السلمية في آن». وقال أريئل، الرجل الثاني في حزب «البيت اليهودي»، ممثل المستوطنين في الحكومة: «لا توجد دولة في العالم تقبل بتعليمات من دولة أخرى تتعلق بالمناطق المسموح أو المحظور البناء فيها... سنواصل تسويق الوحدات السكنية والبناء في كل البلاد... في النقب والجليل والمركز للتجاوب مع حاجات جميع سكان إسرائيل، هذا هو المطلوب الآن سواء من الناحية الصهيونية أو الاقتصادية». ورحب رئيس البلدية الإسرائيلية للقدس نير بركات الذي يمالئ المستوطنين، خصوصاً المتدينين من التيار «الصهيوني القومي»، قبل شهرين من الانتخابات البلدية، بقرار البناء بداعي أن البناء في القدس «مستوجب من أجل تطور المدينة وتقويتها ومنح الشباب فرصة لامتلاك شقة سكنية»، داعياً الحكومة إلى مواصلة البناء بل تسريعه في شتى أرجاء القدس. من جهته، اعتبر زعيم حزب «يش عتيد» الوسطي، وزير المال يئير لبيد أن قرار بناء الوحدات السكنية الجديدة في مستوطنات القدس في هذا الوقت بالذات هو «خطأ مزدوج» بداعي أنه كان يجدر بالحكومة إيجاد حلول لمشاكل السكن في مناطق الضائقة السكنية داخل إسرائيل، «ثم إن استخدام الموارد المعدة للإسكان للطبقة الوسطى لمصلحة المستوطنين هو تحدٍّ لا لزوم له للأميركيين، ووضع عصي في دواليب المفاوضات السلام، وعليه فهي خطوة غير صحيحة ولا تفيد عملية التفاوض». واعتبرت أوساط يسارية احتجاج لبيد «لفظياً لا أكثر». وقالت زعيمة «العمل» المعارض شيلي يحيموفتش إنها تتوقع من نتانياهو أن يحسم أمره: هل يترأس حكومة تسعى إلى اتفاق سلام أم حكومة تسعى إلى تقويض كل احتمال لذلك. واعتبرت قرار وزير الإسكان «إصبعاً في عين الأميركيين»، فضلاً عن أن القرار «يجهض في شكل عنيف بوادر الاعتراف والدعم الدولي اللذين حصلنا عليهما بفعل تحريك عملية المفاوضات». وقالت زعيمة حركة «ميرتس» اليسارية زهافة غالؤون إن بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات «عبوة ناسفة تضعها الحكومة للقضاء على المفاوضات قبل أن تبدأ». وتابعت أنه لن يتم التوصل إلى أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين طالما تواصَل البناء الاستيطاني، و «لن يكون اتفاق سلام لا يقوم على حدود معدّلة لحدود عام 1967 وعلى تقسيم القدس». الإفراج عن أسرى واجتمعت أمس «اللجنة الوزارية لشؤون الأسرى» برئاسة وزير الدفاع موشيه يعالون للتصديق على قائمة أولى من 26 أسيراً فلسطينياً سيتم الإفراج عنهم حتى غداً، وذلك بعد 48 ساعة من نشر أسمائهم لتمكين «العائلات (الإسرائيلية) المتضررة من الإرهاب» الاستئناف للمحكمة العليا ضد قرار الإفراج، وهو إجراء روتيني سبق للمحكمة أن رفضت التدخل فيه في الماضي بداعي أنه قرار سياسي. وهو ما فعلته أمس حين رفضت التماساً تقدمت به ما تسمى «منظمة الماغور» التي تمثل هذه العائلات وطلبت فيه بمنع الحكومة من تنفيذ قرارها قبل أسبوعين الإفراج عن الأسرى ال104 بداعي أن «أياديهم ملطخة بالدماء». ووفق التقارير الإسرائيلية، فإن مراحل الإفراج الثلاث المقبلة ستكون خلال فترة الأشهر التسعة المحددة للمفاوضات. وأشارت وسائل الإعلام العبرية إلى الدور الذي تلعبه المؤسسة الأمنية في تحديد هوية الأسرى الذين سيفرج عنهم طبقاً ل «درجة خطورتهم». وذكر بعضها أن إسرائيل قد تطلب عند إقرار أسماء الأسرى في مراحل الإفراج المقبلة إبعاد بعضهم إلى قطاع غزة أو دول أخرى. منتدى لمعارضة نتانياهو في غضون ذلك، أعلن خمسة من نواب المعسكر المتشدد في «ليكود» الذي يتزعمه نتانياهو، تشكيل «منتدى الخمسة»، ويضم رئيس الائتلاف الحكومي وأربعة نواب وزراء، «للاستعداد لتطورات سياسية في المستقبل». وأعلن أحد المشاركين أن «أعضاء المنتدى» لن يترددوا في اتخاذ قرارات عملية ضد الحكومة، خصوصاً في حال أعلنت تجميد البناء في المستوطنات أو «خططت برامج سياسية في السر»، مثل التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين وعرضه على الجمهور كحقيقة ناجزة. وأردف: «هدفنا هو أن يكون المنتدى رقيباً لسلوك رئيس الحكومة في هذه المسألة». وأشار إلى أن نتانياهو قد لا يقيم اعتباراً لحزب «البيت اليهودي» لقناعته بأنه في حال انسحابه من الحكومة احتجاجاً على التقدم في المفاوضات أو تجميد الاستيطان يمكنه أن يدخل حزباً آخر مثل حزب «العمل» الوسطي، «ما يتطلب منا نحن في ليكود أن نكون متأهبين لأي احتمال لتمرير اتفاق لا نرضى به».