استنتج سائق سيارة أجرة في سنغافورة يدعى كاي مينغي نظرية لا يزال يحاول إثباتها، مفادها أن الناس حين يركبون سيارة أجرة يزيلون الأقنعة التي تغطي وجوههم والتي يضطرون إلى ارتدائها في المناسبات الاجتماعية، ومع إزالتها يتوقفون عن الادعاء أنهم مهذبون أو ديبلوماسيون.ويعزو مينغي الأمر إلى ان الكثير من الناس ينظرون إلى سائق الأجرة نظرة فوقية يضعونه من خلالها بمرتبة الخادم ربما لأنهم على ثقة بأن احتمال تكرار لقائهم به يعتبر شبه مستحيل. مينغي ليس بسائق أجرة عادي، فهو يحمل شهادة الدكتوراه من جامعة ستانفورد الأميركية المرموقة، وعمل كباحث استقصائي أولي في مركز لعلم الخلايا البيولوجية في إحدى الشركات المهمة في سنغافورة للبحوث والتطوير أكثر من 15 سنة. وبعد استغناء الشركة عنه وفشله في الحصول على وظيفة في مجاله، اختار أن يغير مسيرته في البحث العلمي بالعمل كسائق أجرة، رغبة منه في مراقبة الناس والاستماع إلى قصصهم الفريدة ليدونها بعد ذلك بشغف يومياً في مدونة خاصة، قبل أن تفقد ذاكرته شيئاً من التفاصيل. يقول مينغي: «ربما أكون سائق الأجرة الوحيد في العالم الذي يحمل شهادة دكتوراه من جامعة ستانفورد مع الكثير من الإنجازات العلمية المثبتة في مجال بحثي العلمي». قصة سائق الأجرة الدكتور قوبلت بداية بالاندهاش وتكذيب الخبر. ولجأت الكثير من المواقع الإلكترونية إلى عمليات البحث عن مينغي وعن أبحاثه العلمية المنشورة للتأكد من صحة وجوده وقصته. ويبقى سبب فصله من العمل محوراً للجدل بين الباحثين، فمنهم من يرجعها إلى الأزمة الاقتصادية وانحسار الطلب على مجال البحث والتطوير، خصوصاً لحاملي درجة الدكتوراه الذين يحمّلون قطاعاتهم مصروفات عالية كرواتب وحوافز، وآخرون عزو الأمر إلى أنه كان مقلاً في نشره البحث العلمي. يكتب الدكتور مينغي في مدونته بأسلوب قصصي أخّاذ يدلّ على ثقافة واسعة وخيال متّقد، يصف بداية عمله كسائق أجرة وصعوبة تعلمه أسماء الطرق وكيفية الذهاب إليها. ويدرك القارئ من وصفه أنه يمتلك ذاكرة تصويرية قوية تساعده ،إذ يصف الصفات الجسدية لكل من يقلّ في سيارته ويحاول تخمين عمره. حين يكون هناك راكب واحد يسأل الكثير من الأسئلة لسبر غور فضوله، وحين يتعدد الركاب يستمع بصمتٍ وفضول إلى قصصهم. تتفاوت القصص التي يحكيها بين زوج وزوجه يتعاركان وطالبة صغيرة تحاول الوصول إلى مدرستها قبل بدء مسابقة و فقراء قادمين من الصين بحثاً عن وظيفة. تتخلل يومياته قصص طريفة كشاب يحاول أن يستجدي السائق لأن يقله إلى مراده من دون بدل مادي، وآخر يريد من السائق أن يقوده من دون مكانٍ محدد لأنه عرف أنه دكتور وباحث ويريد أن يتناقش معه. بالإضافة إلى عدد من المواقف السيئة التي يمر بها كرفض مجموعة من الشبان المتعجرفين دفع المبلغ كاملاً والاستهزاء به لأنه أخطأ في تشغيل عدّاد الحساب.