يوماً بعد يوم، يبدو الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في موقع لا يحسد عليه، بسبب التدني المستمر والقياسي لشعبيته، وحال التشتت والتنافر في صفوف غالبيته اليسارية، وشعور الفرنسيين ان شخصاً يفتقد أي سلطة يرأس دولتهم. وتتوالى الأنباء السيئة على هولاند، وبينها انخفاض شعبيته الى 26 في المئة، وهي الأسوأ بين الرؤساء الفرنسيين منذ 32 سنة، بحسب استطلاع أجراه معهد «بي في أ» أخيراً، علماً ان استطلاعاً سابقاً اشار الى ان 80 في المئة من الفرنسيين يستبعدون فوزه بولاية رئاسية ثانية عام 2017 . وعزت «بي في أ» عدم الثقة الى سياسة الحكومة الاشتراكية التي يعتبرها 84 في المئة من الفرنسيين غير كفوءة. وبعدما أغوى هولاند الفرنسيين إثر تقديم نفسه بأنه «رئيس عادي» غداة انتخابه بغالبية كبيرة في ربيع 2011، بات اليوم محط نقمتهم في ظل تشكيكهم في قدرته على التعامل مع مشاكلهم، ما جعل الاعلام يصف فرنسا بأنها «سفينة بلا قبطان». ويعتبر الرأي العام ان هولاند لا يسيطر على حكومته المؤلفة من غالبية يسارية يصعب التوفيق بينها، فالأوضاع الاقتصادية على حالها من السوء، والبطالة على حالها من الارتفاع، وكذلك الزيادة الضريبية المتعددة الأشكال. ويضاف الى ذلك السجالات شبه اليومية حول هذه القضايا وسواها داخل الصف الحكومي وداخل الغالبية اليسارية، وما يترتب عن هذا الأمر من قرارات وقرارات مضادة. ولا تبدو الأمور أفضل على المستوى الاجتماعي، حيث تراوح المشاكل المتراكمة مكانها، فيما التضارب على أشده داخل الصف الحكومي والغالبية الحاكمة في شأن قضايا اساسية، في مقدمها الهجرة غير الشرعية. هذا الواقع ولّد قناعة لدى الرأي العام مفادها ان هولاند بات فاقداً السيطرة على حكومته وغالبيته المكونة من اطراف يسارية يصعب التوفيق بينها، وبالتالي فاقداً السيطرة على شؤون البلاد. وقد تكون المشكلة الأكبر لهولاند هي شخصيته واسلوبه، اذ يأخذ فرنسيون كثيرون عليه التزامه الصمت في مواجهة مشاكل مهمة، واطلالاته غير المدروسة على الفرنسيين في مواجهة مشاكل اخرى لا تستدعي بالضرورة هذا التصرف. وكانت اطلالته التفزيونية الأخيرة لاستيعاب نقمة طلاب ثانويين نزلوا الى الشارع للاحتجاج على ترحيل الشابة ليوناردا وأسرتها الى كوسوفو، بعدما اقامت في فرنسا بطريقة غير شرعية، ما جعله يواجه انتقادات عارمة لأسلوبه الغامض. لكن مقربين من هولاند يعتبرون ان الأسلوب الذي يعتمده على مستوى رئاسته، هو الأسلوب ذاته الذي اتبعه خلال مسيرته السياسية وأوصله الى قمة السلطة الفرنسية، وانه يدرك بالكامل ما يجري حوله متوقعاً ان تصب التفاعلات المختلفة في مصلحته مجدداً. ويبدو ان هولاند مطالب بتعديلات عميقة وشاملة قبل الانتخابات البلدية المقررة الربيع المقبل، والتي ستختبر نتائجها مدى استعداد الفرنسيين لابقاء اليسار في الحكم في انتخابات الرئاسة عام 2017.