انشغل الرأي العام اللبناني أمس بالقنبلة التي فجرها وزير الصحة وائل أبو فاعور أول من أمس، وكشف فيها عن رصد مواد غذائية ملوثة في عشرات من المتاجر والمطاعم التي تتعاطى بيع اللحوم والدجاج او القشطة، وتحدث أبو فاعور عن تلوث بالبراز البشري رصد في عينات فحصت مخبرياً. ودفعت هذه الفضيحة الى حال امتعاض لدى الرأي العام تعمقت مع اكتشاف صباح امس، مواد غذائية فاسدة تم رميها في مكبات النفايات خلال الليل (مدينة صور) للتخلص منها وبينها اسماك مجلدة. وراوحت المواقف من خطوة أبو فاعور الذي سمّى الاشياء بأسمائها، بين مرحب ومنتقد. وتبادل سياسيون رمي المسؤولية على بعضهم بعضاً في ظل غياب المرجعية الواحدة عن سلامة الغذاء في لبنان من بداية الانتاج وصولاً الى بيعه للمستهلك. وكان رئيس الحكومة تمام سلام اطلع من أبو فاعور على تفاصيل الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصحة في مجال الرقابة على سلامة المواد الغذائية والنتائج التي توصلت اليها أخيراً. وطلب منه التشدد في مراقبة نوعية الغذاء الذي يستهلكه اللبنانيون واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة». والتقى أبو فاعور في مكتبه نقيب مستوردي اللحوم جوزف ضاهر وبحث معه في تفاصيل ملف سلامة الغذاء. أبوفاعور: أتفهم ردود الفعل وأكد أبو فاعور في ورشة عمل عن «دور القضاء في تفسير قانون الحد من التدخين رقم 174»، ان «كل وزارة لديها اختصاص وعمل ولكن التكامل بينها يؤدي إلى تكامل بنيان الدولة، والدولة ليست صاحبة انتقام أو ثأر ضد أحد، بل صاحبة إصلاح وقانون وعليها تطبيق القانون. وهذا الأمر ينطبق على سلامة الغذاء في الضجة المثارة اليوم وردود الفعل بعد الذي أعلناه بالأمس». وأبدى تفهمه لبعض ردود الأفعال المعلنة وغير المعلنة ولرسائل وردته، وتوجه إلى «المنزعجين من الحملة القائمة من وزراء وغير وزراء»، قائلاً: «من يريد أن يكون منحازاً لأصحاب المصالح، فهذا شأنه. أما نحن فمنحازون لصحة المواطن والقانون والعدل والواجب. لا نعتدي على صلاحية أحد من الوزراء بل نقوم بواجبنا، وسنكمل القيام بواجبنا، ومن ينتقدني فليذهب للقيام بواجباته في وزارته وأنا مستعد لأن أكون في خدمته. ونقول لمن هو منزعج من الحملة ان أسماء أخرى ستتم إذاعتها في حال تبين أن هناك مخالفات خطرة على صحة المواطن. ولن نرتدع عن الحملات». وشدّد على ان قانون منع التدخين سيطبق، مبدياً استعداده للنقاش في «إمكان تعديل القانون بحيث تكون هناك أماكن خاصة للمدخنين في المطاعم». وأعلن وزير العدل أشرف ريفي المشارك في المناسبة نفسها تضامنه مع أبو فاعور، مقترحاً أخذ «عينتين الى مختبرين مختلفين. أما الإعلان عبر وسائل الإعلام فقد يكون قانونياً، لكن هناك حججاً تقول بعدم جوازه الا اننا نعرف الخلفية وهي رادعة للآخرين». ورد أبو فاعور بأنه «تم أخذ أكثر من عينة من كل مؤسسسة، وتمت الفحوص في مختبر متطور تابع للدولة اللبنانية، وهو مختبر مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية»، مشيراً إلى أن العينات لا تفحص في مختبرات خاصة. وقال: «النتائج أثبتت أن هناك مواد سليمة وأخرى غير سليمة، ما يؤكد أن الفحوص علمية». واستقبل وزير السياحة ميشال فرعون وفداً من النقابات السياحية. ووصف في تصريح خطوة ابو فاعور بأنها «حسنة النية ولن يوقع أحد بيني وبينه الا اننا نتحدث عن القطاع السياحي ومطاعمه ونحن فخورون بمستوى القطاع السياحي حيث تعتبر نسبة الحوادث فيه الاقل في المنطقة، وهو يتمتع برقابة ذاتية صحية وبلدية ويخضع لشروط حماية المستهلك ووزارة السياحة، وعدد الوجبات التي يؤمنها هذا القطاع يفوق ال 500 الف وجبة يومياً من دون اي حادث تسمم منذ سنوات، وهذه المطاعم تطالب برقابة اقوى بدءاً من الحدود والمرفأ والمطار والمسلخ والتبريد وتجار الجملة». وفضل فرعون «لو انه لا تتم تسمية المطاعم قبل صدور القرار القضائي خصوصاً اذا كانت هناك علامات استفهام حول كيفية اتخاذ المعايير وصدور النتائج، ولم يعط المجال للمؤسسات للدفاع عن نفسها». واعتبر رئيس نقابة اصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني رامي انه «لا يمكن ان يذهب المطعم الجيد بجريرة المعطم الفاسد وان يتعرض القطاع كله للتشهير، خصوصاً ان معايير سلامة الغذاء تختلف بين وزارة ووزارة وبين منطق وآخر وبين عقلية وأخرى وبين مبادىء وأخرى، وان قانون سلامة الغذاء لم يبصر النور حتى الان وبالتالي ليس هناك قانون يحدد المعايير المفروضة لسلامة الغذاء ولا يمكن لعلامات تجارية مشهود لها بالجودة والنوعية ومنتجاتها تحظى بثقة المستهلك ان تتعرض لهذه الحملة فهي لا ذنب لها سوى التناقض في كيفية اعتماد المعايير لسلامة الغذاء». وزير الزراعة واكد وزير الزراعة أكرم شهيب في بيان، ان وزارته «تنسق مع الوزارات المختصة والمديرية العامة للجمارك من منطلق الاهتمام بسلامة الغذاء الذي هو من صلب مهماتها واولوياتها، ومن ضمن اطار صلاحياتها المحددة بالقانون». ودعا الى «توسيع الصلاحيات المتعلقة بالرقابة على سلامة المنتجات الغذائية بين وزارات الزراعة والصحة والاقتصاد والصناعة والسياحة والبيئة والجمارك والبلديات، لان لا وجود لجهة منسقة بينها». كما دعا الى «إنشاء هيئة أو مؤسسة مستقلة لسلامة الغذاء تتمثل فيها الوزارات والادارات المعنية والقطاع الخاص، وتكون أولى صلاحياتها الاساسية ادارة موضوع الرقابة على سلامة الغذاء وصحته، من اجل وضع حد نهائي للاستهتار القائم بصحة المواطن، وسنقوم بعرض الموضوع قريباً على مجلس الوزراء لأخذ موافقته». مجلس الوزراء ويتوقع ان يبحث مجلس الوزراء في جلسته اليوم موضوع سلامة الغذاء من خارج جدول الاعمال. والمعلوم ان لبنان يفتقر الى استراتيجية لحماية أمنه الغذائي. وكان وزير الاقتصاد باسيل فليحان الذي اغتيل مع الرئيس رفيق الحريري تقدم باقتراح قانون حول سلامة الغذاء بعد استشارة خبراء محليين ودوليين لكن الاقتراح جمد في اللجان النيابية المشتركة لان وزراء هددوا في حينه بالانسحاب من الحكومة اذا اقر بحجة انه «يأخذ من صلاحياتهم». وحين تسلم الوزير حسين الحاج حسن وزارة الزراعة في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي سحب اقتراح القانون المذكور من اللجان. اشادات ولكن... ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية عاصم عراجي ان المشكلة تكمن «في عدم إقرار قانون سلامة الغذاء»، معتبراً «أن تعهد النائب وليد جنبلاط بتغطية الوزير أبو فاعور دليل على وجود فساد مغطى من جهات سياسية في مجالات عدة». وحيا النائب روبير فاضل «شجاعة» ابو فاعور، مطالباً «بفرض العقوبات على المخالفين والمراقبة الدورية». وأشاد رئيس «الهيئات الاقتصادية» عدنان القصار ب«الخطوات المسؤولة والحازمة لأبو فاعور». ودعا الى «متابعة هذا الملف حتى النهاية». وطالب النائب السابق اسماعيل سكرية أبو فاعور ب«التحقيق داخل وزارته». وثمّن قطاع الأطباء في الحزب التقدمي الاشتراكي الخطوة، مؤكداً «ان هذا النهج المتبع دليل على الحرص التام من أبو فاعور ومن الحزب على حياة اللبنانيين حيث الغطاء والدعم الكاملين للوزير أبو فاعور من الحزب ومن رئيسه النائب جنبلاط». وطالبت مصلحة النقابات في حزب «القوات اللبنانية» ب«متابعة هذا الملف حتى النهاية وملاحقة المؤسسات التي لم تستوف شروط السلامة الغذائية وتوقيف أصحابها».