أفرزت موجة ارتفاع أسعار العقارات في العراق وتنامي العجز الإسكاني بما يزيد على أربعة ملايين وحدة سكنية، ظاهرة جرف البساتين التي تحيط بالمدن وتحولها إلى سكن عشوائي في شكل بات يهدد البيئة العراقية ويسبّب أضراراً اقتصادية. وحذّر رئيس لجنة التخطيط العمراني لبغداد محمد الربيعي من هذه الظاهرة والسكن العشوائي، محمّلاً «الأحزاب النافذة الجزء الأكبر من المسؤولية، والجزء الآخر للجهات المعنية التي تتخوّف من تطبيق القانون في حق المخالفين». وعزا في تصريح إلى «الحياة» سبب تنامي إقبال المواطنين على «شراء أراض زراعية ومن دون ضمانات قانونية، لعدم قدرتهم على شراء عقار أو ارض سكنية داخل محيط التخطيط البلدي نتيجة ارتفاع الأسعار، فيما مالك الأرض الزراعية لا يعطي المشتري أي سند تنازل وحتى حصة معينة، ما ألزم المواطن بالشراء». وشدد على ضرورة أن «تبدأ الحكومة استغلال مساحات شاسعة قريبة من المدن غير مستغلة من القطاعين الزراعي أو الصناعي ولا حتى الإسكاني، كي تكون بديلاً مناسباً من التوسع باتجاه الحزام الأخضر». واعتبر الخبير في وزارة البيئة هاشم الزبيدي، أن «الأحزمة الخضراء المحيطة بالمدن أو ما تبقى منها بعدما فقدنا أكثر من 40 في المئة من مساحاتها، هي الآن الدرع الأخيرة التي تقف في وجه التلوث البيئي، إضافة إلى إجراءات يتخذها بعض الجهات للحفاظ على بيئة صحية في مدن عانت الإهمال الطويل». ونبّه عضو لجنة الزراعة والأهوار النيابية كريم عليوي جاهوش، إلى «تنامي جريمة جرف البساتين تحت مظلة توفرها جهات نافذة سياسياً». ولفت إلى أن ظاهرة تجاوز الأملاك الخاصة والعامة «سادت بعد أحداث السلب والنهب عام 2003»، مؤكداً ضرورة «توقفها الآن في ظل قانون وحكومة وقضاء». ورأى أن على الحكومة «إزالة كل التجاوزات وممارسة مهماتها التنفيذية والحد من تمادي الأحزاب، لأن الظاهرة اكبر من مجرد تجاوز على أراض بل هي تعدٍ على رئة العاصمة وتجاوز لحق السكان ببيئة نظيفة وأملاك أصحاب البساتين». وشهدت محافظات العراق تعديات على الأراضي الزراعية وتحويلها إلى سكنية من دون الاهتمام بالتصميم الأساس وطبيعة الأرض، ما يهدد بتراجع خطير للواقع البيئي. وأعلن نائب رئيس مركز الإعلام الاقتصادي محمد نجم لخفاجي ل «الحياة»، أن على المحافظات «تثبيت التصميم الأساس لها وبذل الجهود للحفاظ عليه بعدما تجاوز جرف الأراضي الخضراء الأسس القانونية، وبعضها بتواطؤ من مجالس المحافظات والدوائر البلدية التي باتت تحوّل طبيعة الأراضي في شكل متسارع من دون الأخذ في الاعتبار الأضرار البيئية الخطيرة». ولفت إلى أن «أكثر مدن العالم اكتظاظاً تحتفظ بمساحات زراعية كافية تكوّن رئة تتنفس منها، وأعطى مثالاً نيويورك التي تحتفظ بعشرات الهكتارات من المساحات الخضراء للحفاظ على نوعية الهواء ونسب الأوكسجين وتمنع (التصحّر) والعواصف الترابية». وكشف وكيل وزير الزراعة ضمد القيسي، عن «معوقات كثيرة تواجه القطاع الزراعي الذي تراجع منذ ثمانينات القرن الماضي، بفعل عقود من الحروب والعقوبات الدولية والنقص في الاستثمار، مع استمرار العمليات العسكرية وقطع الأشجار واستخدامها حطباً أثناء أزمات الوقود، التي انعكست سلباً على الأحزمة الخضراء وأدت إلى تصحر 40 إلى 50 في المئة منها». وأكد أن وزارته «وضعت خطة من ثلاثة محاور تتمثل بالعناية الفاعلة بالقطاع الزراعي مباشرة، وبالزراعة النسيجية ودعم صندوق إقراض المزارعين».