انتقد مدير مكتب البنك الدولي في صنعاء وائل زقوت عدم جدية الحكومة اليمنية في مكافحة الفساد، معتبراً أن ذلك يمثل مشكلة حقيقية إذ يشعر الشعب اليمني بأن الفساد حالياً ليس أقل مما كان سابقاً. وأكد زقوت في مقابلة مع «الحياة» أن «البنك الدولي ساعد الحكومة اليمنية في وضع خطة من ست نقاط لمكافحة الفساد تتضمن مساءلة رئاسة الوزراء والوزراء وكبار المسؤولين في الدولة وإنشاء محكمة خاصة بقضايا الفساد ومنح صلاحيات أوسع لهيئة مكافحة الفساد، ولكن الحكومة لم تنفّذ أياً من هذه النقاط، ونحن نريد أفعالاً لمكافحة الفساد يطالب بها الشعب اليمني». ورداً على سؤال حول أسباب تعثر تنفيذ المشاريع الممولة من المانحين والبطء الذي يلازم هذه العملية، أكد أن «الفساد من أبرز الأسباب، إضافة إلى ضعف الحكومة في استيعاب المنح والقروض الخارجية، كما أن بعض الدول المانحة لم تفِ بالتزاماتها». ونصح زقوت الحكومة اليمنية بتحديد كلفة قرارات معالجة المظالم التي حدثت في الماضي الخاصة بإعادة المسرّحين الجنوبيين إلى وظائفهم وإنشاء صناديق للتعويضات، على موازنة الدولة لتفادي أزمة اقتصادية خانقة تزامناً مع الأزمة السياسية. واعتبر أن «هذه القرارات تشكل ضغطاً كبيراً على الموازنة العامة التي يتوقع أن تسجل عجزاً نسبته 8.4 في المئة هذه السنة»، مشيراً إلى أن «العجز سيكون أكبر العام المقبل ما لم تنفذ الحكومة إصلاحات منها رفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي يستحوذ على 25 في المئة من الموازنة»، موضحاً أن «اليمنيين لا يستفيدون من تصدير النفط في التنمية، بل في شراء المشتقات النفطية». وأشار إلى أن «نسبة اليمنيين تحت خط الفقر، والتي يُحكى أنها 54.5 في المئة، ليست دقيقة، إذ لم ينفذ أي إحصاء دقيق، ونأمل هذه السنة في إنجاز مسح موازنة الأسرة الذي سيعطي معلومات دقيقة حول الفقر والبطالة والتشغيل، وسنعرف ما إذا تغيرت هذه النسبة منذ بداية الأزمة أم لا». وأكد أن «بعد ستة أشهر تقريباً سنحصل على أرقام دقيقة وموثوقة حول الفقر، فضلاً عن أن التعداد السكاني الذي سيجرى العام المقبل سيعطي صورة أوضح عن الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية». وبيّن زقوت أن «حافظة مشاريع البنك في اليمن تتضمن 900 مليون دولار، 260 مليوناً منها أضيفت أخيراً، إلى جانب 200 مليون دولار تمويلات جديدة». وأوضح أن «البنك الدولي يمول 19 مشروعاً في كل مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن 10 مشاريع ممولة من الصناديق الائتمانية والبرامج الأخرى». واعتبر أن «البنك الدولي من أسرع المؤسسات المانحة التي وفت بتعهداتها تجاه اليمن في مؤتمرات المانحين، فمن إجمالي 400 مليون دولار، اعتمدت ستة مشاريع جديدة تشكل ثلثي الالتزام تقريباً، إذ خُصّص المبلغ كاملاً ووقعنا على 292 مليون دولار، فضلاً عن سحب ما بين 50 و60 مليون دولار». ولاحظ تعثر تنفيذ المشاريع، إذ إن مشروع كهرباء أو مياه لا ينفذ خلال ستة أشهر بل يتطلب ما بين ثلاث وأربع سنوات، فهناك مرحلة توقيع العقد ثم بدء عمل المقاول، ونحن ننفق وفق استكمال العمل، كما لا يجب أن يتوقع الشعب اليمني إنفاق 400 مليون دولار مخصصة من البنك الدولي خلال سنة واحدة بل سيتطلب ذلك بين أربع وخمس سنوات تقريباً». وبلغت تعهدات المانحين لليمن في مؤتمري الرياض ونيويورك العام الماضي 7.8 بليون دولار، خصص منها 6.7 بليوناً، أي 85.1 في المئة، أما المبالغ المعتمدة فبلغت 3.9 بليون دولار أي 49.6 في المئة، فيما بلغ المصروف 2.07 بليون دولار، أو 26.2 في المئة. وحول وجود خطة جديدة لدى البنك الدولي للتعامل مع المستجدات السياسية والاقتصادية عقب انتهاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل، أكد زقوت أن «لا خطة لدى البنك حالياً، ولكننا سننتظر انتهاء مؤتمر الحوار الذي نأمل في أن ينجح، وعندها سنبدأ مشاورات داخل البنك ومع الحكومة والمانحين لوضع خطة لمساعدة اليمن على تنفيذ مخرجات الحوار».