يتميز الإنسان عن سائر المخلوقات، بعيداً عن صنعه الأجهزة ذات حرف ال i، بالضحك! نعم الضحك، فالضحك قد يبدو أمراً بسيطاً لا يخطر على بال، لكن علماء اليوم كعادتهم حشروا علمهم وأبحاثهم في الضحك بل اخترعوا له علماً خاصاً يدعى Glottologist! فهل كنت تتخيل أن ضحكاتك التي أطلقتها بسبب جيري ساينفلد وجون ستيوارت وباسم يوسف وعادل إمام لها سبب علمي من دونه ما كنت لتضحك! يوجد العديد من المهتمين بعلم الضحك، إن صحت التسمية، وأحد أشهر العلماء في هذا المجال William F.Fry الدكتور الأميركي في جامعة ستانفورد الذي قدم أبحاثاً عدة في هذا المجال، وأيضاً الفيلسوف الفرنسي Henri Bergson الذي ألّف كتاباً خاصاً في هذا الموضوع، وأطلق عليه اسم «الضحك» أو Le Rire بالفرنسية. في الواقع، الضحك ظاهرة علمية جداً معقدة، بل هو واحد من وظائف قشرة الدماغ المتطورة، فعندما تقوم بالضحك بعد سقوط هاتف صديقك أنت تقوم بواحدة من أعقد العمليات في الجسم! فد تبدو مبالغة في ظاهرها، لكن في الواقع هو عبارة عن مجموعة من العمليات التي تجري داخل الدماغ، وتعتمد على الذكاء بدرجة كبيرة، هذا غير اعتمادها على المجتمع المحيط، فما يضحكك في المنزل قد لا يضحكك خارجه، وعندما تشاهد فيلماً كوميدياً في غرفتك وحيداً لن تضحك بقدر ضحكك عند مشاهدته في السينما وحولك المئات، إذ تزيد نسبة الضحك في المتوسط إلى 30 في المئة تقريباً. هنالك نظرية تدعى The incongruity theory of humor وتنص على أن الضحك ينشأ بسبب التناقض بين الشيء أو الأمر الحادث وبين ما اعتدنا عليه، ويفسر ذلك أنه ينشأ عن تناقض غير متوقع أو عن سوء فهم كما ذكر فيلسوفنا «الضاحك» هنري في كتابه الضحك. لذلك الضحك هو عبارة عن حال تعلم، سواء كان موقفاً أم نكتة، وبمجرد تعودك على طريقة تركيب هذا الموقف «النكتة» لن يصبح مضحكاً مرة أخرى أو بقدر المرة الأولى، لذلك النكتة صالحة للاستخدام مرة واحدة فقط! وقبل أن أفند، يجب أن أوضح أن هذه الدراسات كلها عن «الضحك» أي إصدار ذلك الصوت المعروف مع تقطع النفس، وليس المقصود هنا السعادة أو الفرح، فالضحك ليس لازمة للسعادة ولا السعادة لازمة له. مركز الضحك في الجسم هو ال Epiglottis وهو جزء متدلي، يقوم بحماية القصبة الهوائية عندما تقوم بالبلع، كي لا يدخل الماء والطعام إلى الرئيتين، إذ تقوم بتقليص الحنجرة، ومن ثم نحصل على «الضحك»، والمثير للعجب أن الEpiglottis تحوي أيضاً خلايا التذوق! لذلك مبدئياً، الضحك ليس أكثر من مسألة «ذوق» نسبي. حسناً، في المرة المقبلة التي تضحك فيها تذكر أنك تبذل جهداً عقلياً قد يعادل حلّك لمسألة رياضية معقدة! ريس بن بدر [email protected]