أيمكن تخيل كاتب بلا قلم أو ورقة، أو مدرس رياضيات لا يحمل مثلثاً قائم الزاوية ومسطرة، أو نجار لا يملك منشاراً ومطرقة؟ من العبث تخيل ذلك. كما هو من العبث أيضاً أن توجد مديرية للجوازات بلا «جوازات»، أو محكمة بلا دعاوى وشكاوى وقضايا.حدث هذا التناقض أخيراً في المنطقة الشرقية، وتحديداً في مدينة الدمام، عندما انقطعت «الكهرباء» عن فرع الشركة السعودية للكهرباء لوقت ليس بالبسيط، ما يعني أن انقطاع الكهرباء عن سجن الدمام العام أيضاً - وهو كارثة بالمقاييس الأمنية - لن تلام عليه الشركة، فهي لم تستطع تأمين الكهرباء لفروعها على الدوام، وذلك من باب أولى. في بداية القرن الماضي، انتشرت الكهرباء مع أنها اكتشفت في أواخر القرن ال19، ودخلت الكهرباء السعودية في نهاية الثلاثينات الميلادية من القرن العشرين، واتسعت الفائدة منها تدريجياً، حتى أصبحت العصب الرئيسي في حياة سكان السعودية. لكن أحداً لم يخطر في باله أنهم بعد 70 عاماً من التعرف على الكهرباء سيعودون إلى سابق عهدهم «أحياناً» إلى المهفات والبحث عن ظل، ففي شرق الرياض، استطاع الصيف ان ينتقم من سكان تلك الأحياء، بعدما تعطلت مكيفاتهم، بسبب انقطاع التيار الكهربائي بشكل جزئي (220 فولت)، في حين أن مناطق أخرى، كالقصيم وحائل ومكة المكرمة وسواها، قضى سكانها الصيف ورمضان، بحثاً عن المصلحين والفنيين لأجهزتهم، التي أتلفتها انقطاعات الكهرباء وتردداتها.