شكل لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في البيت الأبيض امس، مؤشراً إلى تقدم العلاقات بين بلديهما، على رغم نقاط الخلاف الكثيرة التي طبعت محادثاتهما، وأهمها قضية غارات الطائرات الأميركية من دون طيار في باكستان، والتي تندد بها إسلام آباد ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان. وعشية لقائه الأول مع أوباما، كرر شريف احتجاج بلاده على الغارات التي وصفها بأنها «عقبة كبيرة في العلاقات بين البلدين». وقال، في كلمة ألقاها أمام «المعهد الأميركي للسلام»، إن مؤتمراً لأحزاب باكستان «خلص إلى أن استخدام الطائرات بلا طيار لا ينتهك سيادة باكستان فحسب، بل يأتي أيضاً على حساب الجهود التي تبذلها باكستان لمكافحة الإرهاب». تزامن ذلك مع سجال بين واشنطن ومنظمة العفو الدولية التي انتقدت في تقرير الغارات الأميركية في باكستان والتي «تجاوز عددها 300 منذ عام 2004، وأسفرت عن مقتل ما بين 2000 و4700 شخص، بينهم مئات من المدنيين». لكن شريف الذي أعيد انتخابه رئيساً للوزراء مطلع حزيران (يونيو) الماضي، اثر فوز حزبه في الانتخابات الاشتراعية بعد 14 سنة على إطاحة حكومته بانقلاب عسكري، أكد حرصه على علاقات ودية مع واشنطن التي أفرجت عن مساعدة لباكستان قيمتها 1,6 بليون دولار، فيما تريد اغتنام الزيارة لبحث مسائل تتعلق بالتجارة والطاقة، ومكافحة «التطرف العنيف» لتنظيم «القاعدة» وحلفائه. وباكستان المجاورة لأفغانستان حليف للولايات المتحدة في «الحرب على الإرهاب» منذ اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. لكن علاقاتهما تدهورت بعد تصفية وحدة «كوماندوس» أميركية زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن في بلدة آبوت آباد الباكستانية، حيث اختبأ منذ العام 2011. وعقد أوباما، على هامش قمة دولية العام الماضي، لقاء على انفراد مع الرئيس الباكستاني السابق آصف علي زرداري ورئيس الوزراء السابق يوسف رضا جيلاني. من جهة أخرى، يستضيف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون نظيره الباكستاني والرئيس الأفغاني حميد كارزاي، في قمة مصغرة في لندن الأسبوع المقبل، لمناقشة محادثات السلام بين كابول وحركة «طالبان». وكتبت صحيفة «دايلي تلغراف» أن «خطوة كامرون شجاعة، بعد فشل قمة استضافها في تشيكرز هذه السنة، وأدت إلى تجميد التعاون بين كابول وإسلام آباد، بسبب تحديد مواعيد نهائية لحسم المحادثات وتقديم وعود جريئة». ونقلت الصحيفة عن مسؤول أفغاني بارز أن «كارزاي سيُطالب باكستان بمنع طالبان من شن هجمات خلال الانتخابات الرئاسية الأفغانية المقررة في 5 نيسان (أبريل) المقبل، وتنفيذ وعدها بإطلاق الملا برادار، النائب السابق لزعيم الحركة الملا محمد عمر، والعمل لدفع طالبان إلى طاولة المفاوضات». وقال المسؤول الأفغاني إن «باكستان اتخذت خطوات رمزية لإعطاء صورة من التعاون واسترضاء الولاياتالمتحدة، لكنها تراخت في تنفيذ خطوات ملموسة». وفي بروكسيل، أكد وزراء دفاع دول الحلف الأطلسي (ناتو) ثقتهم بأن زعماء القبائل في أفغانستان الذين سيجتمعون الشهر المقبل، وأعضاء برلمانها، سيؤيدون اتفاقاً يسمح ببقاء قوات أميركية في بلدهم بعد انسحاب القوات الأجنبية بحلول نهاية 2014، ما يزيل مخاوف حول إبرام الاتفاق. وقال وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند: «نعتقد بأن تقدماً كبيراً حصل في المفاوضات بين الأميركيين والأفغان، ويجب أن ننتظر إبرام الاتفاق قبل أن نتفاوض على وضع قوات الحلف وآلية تدخله في المستقبل».