يزور الرئيس السوداني عمر البشير جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، الثلثاء المقبل بدعوة من نظيره الجنوبي سلفاكير ميارديت لتسريع تنفيذ اتفاقات التعاون بينهما، ومناقشة انشاء مؤسسات انتقالية في منطقة ابيي المتنازع عليها بين البلدين، بينما يتصاعد التوتر في المنطقة عقب قرار الاتحاد الافريقي عدم إجراء استفتاء من جانب الجنوب لتحديد مستقبل المنطقة. وقتل خمسة اشخاص بينهم اربعة اطفال الخميس في سوق في جنوب السودان بانفجار عرضي ناجم عن قنبلة متروكة في المكان منذ عقود الحرب الاهلية. وتصدت قوات حفظ السلام الدولية المنتشرة في ابيي «يونيسفا» لمجموعة من قبيلة دينكا نقوك الافريقية اقتحمت البلدة وهم يهتفون مطالبين بإجراء استفتاء من جانب دولة الجنوب لتحديد مصير المنطقة في نهاية الشهر الجاري، فيما حظرت القوات الدولية اي نشاط سياسي يقود الى التوتر. وتمركزت حشود من قوات الجيش الجنوبي وأبناء دينكا نقوك على بعد 70 كيلومتراً من ابيي، فيما شهدت قرى اقوك، جنوب المنطقة، حراكاً مكثفاً لإجراء الاستفتاء قبل نهاية الشهر. وقال القيادي في قبيلة المسيرية العربية آدم عبدالرحمن الرضي «ان هناك محاولة من حكومة جنوب السودان لفرض سياسة الأمر الواقع، ما يشكل انتهاكاً لقرار مجلس السلم والأمن الأفريقي القاضي بإيقاف إجراء استفتاء أبيي من طرف واحد». ودعا الرضي القوات الأممية في المنطقة الى حماية المنطقة والمواطنين وتأمين حركة رعاة المسيرية تجاه جنوب بحر العرب. وأكد استعداد قبيلة المسيرية للدفاع عن منطقة أبيى، وقال: «لدينا أكثر من 15 ألف مجند جاهزون للذود عن المنطقة ضد أي اعتداء من الذين يحاولون استهداف أرواح المواطنين وممتلكاتهم». وفي خطوة لاقت انتقادات في جوبا، قررت حكومة جنوب السودان وقف الحملات التي تدعو إلى إجراء استفتاء من جانب واحد في منطقة أبيي، واعتبر مراقبون القرار تراجعاً من جانب جوبا عن إجراء الاستفتاء، في حين رأته مصادر ديبلوماسية افريقية حسن نيات من الجنوب قبل زيارة البشير الى جوبا لمناقشة مستقبل المنطقة. وتسلمت إذاعة وتلفزيون دولة الجنوب رسمياً خطاباً من وزارة الإعلام قررت فيه وقف كل البرامج التي تتناول الاستفتاء، ويشمل حظر البث وسائل الإعلام الحكومية من إذاعة وتلفزيون. وكشف سفير دولة جنوب السودان لدى الخرطوم ميان دوت أن سلفاكير ميارديت وجه دعوة رسمية الى البشير لزيارة جوبا الثلثاء المقبل، مؤكداً أن الزيارة ستتم في موعدها. وقال دوت في تصريحات صحافية إن أجندة قمة البشير وسلفاكير ستناقش قضية ابيي عقب قرار الاتحاد الإفريقي في ايلول (سبتمبر) الماضي بعدم قيام استفتاء ابيي من جانب واحد. وأضاف أنه ستتم متابعة نتائج توصيات قمة البشير-سلفاكير التي عقدت في الخرطوم وما تم فيها من خطوات تنفيذية ومتابعة الخطوات التي تمت في شأن التنفيذ الشامل والكامل لاتفاق التعاون المشترك بين الدولتين. وأضاف انه سيتم الاتفاق على سبل تعزيز وتطوير العلاقات والدفع بالنواحي الإيجابية فيها بخاصة ما يتعلق باعتماد نهج الحوار والطرق السلمية لحل كل القضايا العالقة وتنسيق التعاون في المحافل الاقليمية والدولية وتسريع عمليات تحقيق التطبيع الكامل للعلاقات بصورة عملية على أرض الواقع. وأضاف دوت ان المعابر على الحدود بين السودان والجنوب سيبدأ فتحها بعد ثلاثة اسابيع وتستكمل مع بداية العام الجديد، معرباً عن تفاؤله بفتح الحدود قريباً لاستئناف التبادل التجاري وتسهيل تحرك تنقل مواطني الدولتين. وكان وزير خارجية جنوب السودان برنابا مريال بنجامين قال إن بلاده طلبت من الاتحاد الإفريقى عقد قمة استثنائية في شأن الاستفتاء لتحديد مصير أبيي. وأشار الى أن حكومته سملت طلباً في هذا الشأن إلى رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي نكوسازانا دلاميني زوما خلال قمة الاتحاد التي عقدت أخيراً. وأضاف ان الوقت المحدد لاستفتاء آبيي آخذ فى النفاد، ودعا الزعماء الأفارقة الى دعم العملية المتعلقة بذلك وتشجيع الرئيس السوداني عمر البشير على تأييد استفتاء ابيي. وتشهد منطقة أبيى توتراً متزايداً منذ ايار (مايو) الماضى عقب مقتل زعيم قبائل دينكا نقوك، كوال دينك مجوك، بعد استهداف سيارته بقذائف، وأسفر الهجوم كذلك عن مقتل 4 من عناصر قوات حفظ السلام الدولية و16 من قبيلة المسيرية. ولا يزال فريق من الاتحاد الافريقى يحقق في الحادث. وتنتشر في منطقة أبيي قوات إثيوبية قوامها أكثر من 4 آلاف جندي، تحت إشراف الأممالمتحدة تقوم بمهمات قوات حفظ السلام في المنطقة المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان. ونص اتفاق السلام الذي انهى الحرب الأهلية بين شمال وجنوب السودان والموقع عام 2005 على إجراء استفتاء لسكان أبيي لتحديد مصير المنطقة، غير أن الاستفتاء الذي كان مقرراً له عام 2011 متزامناً مع استفتاء جنوب السودان الذي انتهى بانفصاله عن السودان، لم ينظم الاختلاف بين الطرفين حول من يحق لهم المشاركة فيه، وحدد الاتحاد الافريقي تشرين الاول الجاري لإجراء الاستفتاء، لكن الخرطوم رفضت وألغى الاتحاد قراره في انتظار اتفاق بين الخرطوموجوبا على خطوات الاستفتاء. على صعيد آخر، ذكرت وكالة «فرانس برس» ان خمسة اشخاص بينهم اربعة اطفال قتلوا الخميس في سوق بجنوب السودان في انفجار عرضي ناجم عن قنبلة متروكة في المكان منذ عقود الحرب الاهلية. وأُصيب ثلاثة اشخاص بجروح وفق المصدر نفسه. وكان رجل يحفر الارض لبناء اسس كشكه الخشبي قرب سوق تقع في ضواحي العاصمة جوبا، ما ادى الى حصول الانفجار الناجم كما يبدو عن قنبلة قديمة. وشاهد مراسل وكالة «فرانس برس» جثث الضحايا المحترقة في المكان. ولا يزال هناك الكثير من القنابل غير المنفجرة التي توقع ضحايا بانتظام، لا سيما في المناطق التي عاد اليها اللاجئون وبدأوا ببناء منازلهم او حراثة الارض.