أبلغت الحكومة السودانية أمس المبعوث الرئاسي الأميركي الجديد دونالد بوث الذي وصل إلى الخرطوم في أول زيارة منذ تسلمه مهماته، رفضها القاطع إجراء استفتاء احادي في منطقة أبيي المتنازع عليها، على رغم مطالبة دولة جنوب السودان بإجراء الاستفتاء الشهر المقبل لتحديد مصير المنطقة. وحذّرت الخرطوم من أن إقدام الجنوبيين على الخطوة من شأنه أن يؤدي إلى عرقلة التقدم الذي طرأ أخيراً في العلاقات بين البلدين الجارين. وعقد بوث لقاءً مطولاً أمس مع رئيس اللجنة الإشرافية على منطقة أبيي من جانب الخرطوم الخير الفهيم، ناقشا خلاله الأزمة في أبيي ومقترح الوساطة الأفريقية للحل النهائي في المنطقة. ووصف موفد الرئيس باراك أوباما قضية أبيي بالشائكة، موضحاً أنه سيركز على القضايا العالقة بين الدولتين بشكل أساسي، الى جانب العلاقات السودانية - الأميركية. وقال بوث للصحافيين عقب اللقاء إنه جاء لتقويم وتفهُّم وضع قبيلة المسيرية السودانية ووجهة نظرهم بشأن قضية أبيي، الى جانب موقف الحكومة من ذات القضية. من جانبه، قال الفهيم إن المبعوث الأميركي استفسر عن موقفهم بشأن إجراء استفتاء في أبيي، واضاف: «قلنا له إننا مع استفتاء يُقام وفقاً للمعاهدات الدولية والبروتوكلات والمواثيق التي وضعها الطرفان، ونرفض أي استفتاء أحادي من قبل جنوب السودان». وحذّر الفهيم من أن الاستفتاء سيقود لعرقلة علاقات الخرطوموجوبا، وشدّد على أهمية قيام المؤسسات المدنية الانتقالية في أبيي قبل الاتفاق على الوضع النهائي للمنطقة. وكان بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، في وقت سابق، قال إن بوث سينقل خلال زيارته للسودان وجنوب السودان قلق بلاده العميق من عدم إحراز تقدُّم في تطبيق اتفاقات عام 2012 التي وقّعت بين الطرفين، بإشراف لجنة الخبراء العليا بالاتحاد الأفريقي. وكان وزير رئاسة مجلس وزراء جنوب السودان السابق عضو المكتب السياسي لحزب «الحركة الشعبية» الحاكمة هناك دينق الور أعلن خلال مؤتمر صحافي الجمعة في جوبا عن تكوين لجنة سياسية عليا للإشراف على استفتاء أبيي برئاسته وعضوية ادوارد لينو وآخرين. وجدّد الور الذي يُعد من أبرز أبناء المنطقة بين قيادات «الحركة الشعبية» وحكومة الجنوب، موقف بلاده الثابت والداعي إلى قيام استفتاء أبيي في موعده المقترح من قبل الاتحاد الافريقي في تشرين الأول (اكتوبر) المقبل قبلت الخرطوم بذلك أم لم تقبل. ويتوافق الموعد مع ما تريده قبيلة دينكا نقوك التي تسكن أبيي وتتنافس عليها مع قبيلة المسيرية العربية التي ترعى في المنطقة نفسها. وقال الور: «سنقوم بعمل الاستفتاء لأن دينكا نقوك هم المعنيون بذلك وليس قبيلة المسيرية الذين لديهم أرضهم بل لديهم ولاية كاملة ولن نتدخل فى شؤونهم». وتابع: «الأفضل لنا ولجيراننا المسيرية أن يجري الاستفتاء في موعده وبهدوء حتى تعود الثقة بين القبيلتين الجارتين». وكشف الور عن اجتماع مشترك بخصوص أبيي سيعقد قريباً في نيويورك بين مجلس الأمن الدولي ومجلس الأمن والسلم الافريقي. وكان رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت رجّح تأخير استفتاء منطقة أبيي المتنازع عليها بين الخرطوموجوبا، عن شهر تشرين الأول المقبل. واتهم خلال مؤتمر صحافي الاتحاد الأفريقي بعدم الجدية والفشل في تنفيذ مقترحه بإقامة استفتاء أبيي بعد أن رفضته الخرطوم منذ أيلول (سبتمبر) العام الماضي. وفي الخرطوم هددت قبيلة المسيرية بمقاومة أي استفتاء يجري بصورة احادية في أبيي. وحذّر القيادي في قبيلة المسيرية مهدي بابو نمر في تصريح أمس من أنهم يعرفون كيف يتعاملون مع أي محاولة لفرض أمر واقع، وأشار إلى أن المجتمع الدولي نفسه أعلن رفضه لأي استفتاء يجري يصورة آحادية في أبيي. وشبّه نمر الاتجاه لاقامة الاستفتاء في أبيي من دون مشاركة قبيلته ب «مسرحية» من ممثل واحد ومخرج واحد ومشاهد واحد، ووصف تصريحات دينق الور بإجراء الاستفتاء الشهر المقبل إذا قبلت الخرطوم أم لم تقبل، بأنه حديث صبياني لا يليق بسياسي من السياسيين. وشدد على أن أبيي أرض شمالية، مؤكداً أن قبيلة المسيرية غير ملتزمة بأي رأي أو اتفاق ضد مصالحها سواء رفضته الحكومة أو حزب «الحركة الشعبية».