اعتادت العين البشرية أن لا ترى «الكشاف» إلا بكامل حيويته ولياقته المتناهية، إلا أننا أصبحنا نشاهد جميع الأعمار والأجناس المنتمين إلى الكشافة ،ويقدمون أفضل ما لديهم لخدمة ضيوف الرحمن، بغض النظر عن عمر الكشاف أو جنسه. أكبر الكشافين سناً سعد الفرج، خالف تلك النظرات، فهو يعتبر أكبر المشاركين في خدمة الحجيج عمراً، يقول الكشاف «السبعيني» ل «الحياة»: التحقت بالعمل الكشفي عام 1389 ه في زمن كانت فيه الكشافة تعتبر حياة وتربية، أما الآن فهي ذوق وفن، كان العمل الكشفي سابقاً شاقاً ومتعباً، فكنا عندما نأتي إلى الحج نوفر الماء والطعام مسبقاً، ويكون جاهزاً معنا في المعسكر لعدم وجود مطاعم أو برادات مياه توزع كما هو الآن، وننتقل بزادنا في كل المشاعر، إضافة إلى سوء السكن والحر الشديد دون وجود أجهزة تكييف، أما الآن، وكما نشاهد المخيمات منتشرة في كل مكان وبجميع الخدمات، من مأكل، مشرب، تكييف وحتى المواصلات. ويضيف الفرج أن أول مكافأة حصل عليها كانت مبلغ 200 ريال، وبدأت في الزيادة إلى أن وصلت إلى 1500 ريال، كان ذلك منذ 35 عاماً، في عهد الملك خالد، وبقيت على هذا الرقم إلى يومنا الحالي، مع مطالباتنا المتكررة بزيادة المكافأة، نظراً إلى ما يبذله رجال الكشافة من جهود جبارة ودور مهم جداً في الحج وخدمة ضيوف الرحمن، مستدركاً «إلا أنهم دائماً يقولون لنا إن عمل الكشافة هو عمل تطوعي، ولكن في الوقت نفسه فإن منسوبي الكشافة والجوالة لديهم التزامات مالية، والحياة الآن تختلف عن السابق، فهل يعقل أن نقارن حياتنا الآن بالسابق من ناحية المعيشة والتنقلات وخلافهما!. نأمل من مسؤولي الكشافة النظر إلى هذا الأمر لما له من أهمية نفسية تعود على الكشافين ومن يعولونهم، فهو جهاز مهم جداً، والدليل أن غالب رجالات الدولة ينتمون إلى السلك الكشفي». على الطرف الآخر، يبين أصغر كشاف في المشاعر المقدسة أحمد أبو بكر، الذي يبلغ من العمر 12 عاماً، ويدرس بالصف السادس الابتدائي أن هذه أولى مشاركاته في موسم الحج، وأنه وزملاءه يعملون على مساعدة الحجاج بدفع عربات المسنين وتوصيلهم إلى المشاعر، وتقديم جميع الخدمات التي يحتاجون إليها، إضافة إلى تقديم المياه إلى الحجاج، وبعض الأعمال التي يستطيعون تقديمها. في الجانب النسائي، أوضحت قائدة المخيم الكشفي النسائي في المشاعر المقدسة مها فتيحي أن عدد المنتميات إلى المخيم 16 كشافة، 12 قائدة وأربع مرشدات، جميعهن خضعن لدورة تدريبية مدتها 30 ساعة، وعمل ميداني لمدة عام في الإسعافات الأولية وفن التعامل مع الآخرين، بعد ذلك رشحن للانضمام للكشافة لخدمة الحجاج، وهن من جميع مناطق السعودية. وتشير إلى أن دورهن يكمن في استقبال ورعاية الأطفال والنساء التائهين، ويعتبر هذا أحد برامج مرشدات خدمة المجتمع، موضحة أن من أهم المواقف التي مرت عليهن هو أنهن وجدن طفلاً عمره 10 أشهر، وضعته أمه في مكان اعتقدت أنها ستحفظه فيه فدخلت إلى الجمرات لترمي، وعادت لتتوه عن موضع رضيعها، فوجدته أفراد من الكشافة وجلبنه إلى القسم النسائي، وعلامات الجوع والإرهاق بادية عليه، فرعاه القسم إلى أن أتت أمه بعد 18 ساعة لتسلمه. وقالت «لدينا تائهة مصرية ما زالت هنا، لعدم وجود أي أوراق ثبوتية لديها، فقمنا بالتواصل مع الرياض مقر إقامتها، وهو المكان الذي قدمت منه، وإذا لم نستطع الحصول على ذويها سنسلمها إلى الترحيل»، مشيرة إلى أنهن يتعاون مع جمعية الكشافة بشكل مستمر، وهم من يأتون بالتائهات إليهن، كما أن عملهن يمتد على مدار الساعة بواقع ثلاث دوريات، إضافة إلى تجهيزهن بنظام ترجمة متكامل. وبينت أن المنتسبات سيحصلن في نهاية الحج على شهادة بأنهن امضين هذه الفترة، وستترقى لتصبح مساعدة مفوضة إلى أن تصبح رائدة كشفية، وقالت إنهن يعانين في مخيمهن الواقع في منى من الكهرباء والتكييف ونقص المياه والتوصيل، وجميعها تحتاج إلى درس مستفيض، مؤملة في أن يتم إنشاء المركز بمواصفات أخرى يستطعن من خلاله تقديم أفضل الخدمات للتائهات والمحتاجات.