تصاعدت تهديدات مجموعات إسلامية ليبية بالانتقام لخطف قوة أميركية القيادي في تنظيم «القاعدة» نزيه الرقيعي («أبو أنس الليبي») المتهم بالتورط في تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في شرق افريقيا عام 1998. وفيما أعلن رئيس الحكومة الليبية علي زيدان أن العلاقات مع الولاياتالمتحدة لن تتأثر بسبب خطف الرقيعي، دعا إسلاميون إلى خطف أميركيين ومهاجمة مصالحهم، وهو تهديد بدا أن واشنطن تأخذه على محمل الجد، إذ نقلت قوات من «المارينز» لتكون قريبة من ليبيا في حال اضطرت إلى القيام بعملية عسكرية لحماية مصالحها. وقال زيدان، في ختام زيارته للرباط أمس، إن علاقة ليبيا مع الولاياتالمتحدة مهمة. ونقلت عنه «رويترز» إنها علاقة صداقة وتعاون وإن واشنطن ساعدت الليبيين في ثورتهم ضد حكم معمر القذافي. وتابع أن الليبيين يجب أن يُحاكموا في ليبيا وأن طرابلس على اتصال مع السلطات الأميركية لاتخاذ كافة التدابير في هذه المسألة. وفي موقف متناغم، طالب المؤتمر الوطني الليبي واشنطن بتسليم الرقيعي «فوراً»، واصفاً خطفه بأنه انتهاك صارخ للسيادة الوطنية. واستدعت الخارجية الليبية سفيرة الولاياتالمتحدة ديبورا جونز للطلب منها تقديم «تفسير» لعملية الخطف. وصدرت بيانات عن تيارات إسلامية هددت صراحة بالانتقام لخطف الرقيعي الذي يستجوبه محققون حالياً على متن سفينة حربية في البحر المتوسط. وكشفت وسائل إعلام أميركية أن الاستخبارات كانت تعرف بوجوده في طرابلس وانه تلقى قبل نحو سنة تكليفاً من قيادة «القاعدة» بإنشاء خلايا للتنظيم في ليبيا. وبحسب صور تم تداولها على شبكة الانترنت فإن وجود الرقيعي في طرابلس لم يكن أمراً سرياً، كما يبدو. إذ يظهر في احتفال كبير وهو يتلقى تكريماً عقب سقوط طرابلس في أيدي الثوار العام 2011. وقُتل أحد أبناء الرقيعي خلال عملية تحرير طرابلس. وفي المقابل، أبدت مواقع على الانترنت مؤيدة للنظام الليبي السابق نوعاً من «الشماتة» بما حل ب «أبو أنس»، إذ كشفت أنه عاد إلى ليبيا من إيران العام 2010 بناء على اتفاق مع رئيس الاستخبارات الخارجية السابق أبو زيد عمر دوردة (المسجون حالياً). وتزامنت عودته مع عودة قياديين آخرين من «الجماعة المقاتلة» إلى ليبيا في أعقاب «المراجعات» التي أجرتها تلك الجماعة وتخلت فيها عن استخدام العنف. وأصدرت جماعات إسلامية خلال الساعات الماضية سلسلة بيانات هددت بالثأر. وتضمن بيان صادر عن قبيلة الرقيعات إشارة إلى أن الأميركيين سبق لهم أن قتلوا قبل سنوات واحداً منهم هو علي الرقيعي (أبو الليث الليبي) في مناطق الحدود الباكستانية - الأفغانية. كما دعا متشددون آخرون في بيانات رصدتها خدمة «سايت» التي تتابع مواقع الجهاديين، إلى «غلق منافذ ومخارج مدينة طرابلس واعتقال كل الكفار من الأميركان وحلفائهم وفدائهم بالأسرى المسلمين في سجون الأميركان وغيرهم». كما حض هؤلاء، بحسب ما أوردت «رويترز» على «استهداف أي طائرة أو باخرة تتبع للأميركان وحلفائهم» و «إعطاب أنابيب الغاز الموردة إلى الاتحاد الأوروبي». وتابعت رسالتهم: «ليبيا لا تزال دار كفر تحكم بغير شرع الله فلذا لا أمان فيها لكافر». وفي رسالة أخرى نشرت على منتديات ومواقع للتواصل الاجتماعي دانت جماعة أخرى تطلق على نفسها اسم «ثوار بنغازي البيضاء درنة» اعتقال الليبي. واتهمت الزعماء الليبيين بأنهم كانوا على علم مسبق بالعملية. وتوعدت «بقتال كل من خان بلاده وورط نفسه في هذه المؤامرة». وأصدرت جماعة «أنصار الشريعة» بياناً اتهمت فيه الولاياتالمتحدة بخطف الرقيعي «غير مراعين لأي حرمة واحترام لأهل البلاد، تحت مرأى ومسمع من الحكومة الليبية، هذه الحكومة التي استبدلت نعمة النصر على الطاغوت بالديموقراطية وتركت تحيكم الشريعة الإسلامية». وفي واشنطن، قال مسؤولون عسكريون أميركيون إن الولاياتالمتحدة ستنقل نحو 200 من مشاة البحرية إلى قاعدة أميركية في سيونيلا بايطاليا من أخرى في اسبانيا خلال ساعات قليلة لتعزيز قدرة الولاياتالمتحدة على الرد على أي أزمات بعد غارة نفذتها في ليبيا.