قال مسؤولون أميركيون امس الاثنين إن فريقا من نخبة المحققين الأميركيين يستجوب القيادي البارز في تنظيم القاعدة الذي اعتقل في ليبيا ونقل الى سفينة تابعة للبحرية الأميركية في البحر المتوسط. وذكر المسؤولون أن نزيه الرقيعي الذي يشتهر باسم أبو أنس الليبي محتجز على سفينة الإنزال البرمائي سان أنطونيو. وتستجوب الرقيعي مجموعة أميركية تعرف باسم مجموعة استجواب المعتقلين ذوي الأهمية العالية أسست عام 2009 ومقرها فرع الأمن القومي بمكتب التحقيقات الفيدرالي. وهذه المجموعة متخصصة في جمع المعلومات من المشتبه بأنهم ارهابيون لمنع الهجمات المزمع شنها. والليبي هو أحد المشتبه بضلوعهم في تفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998 ما ادى الى مقتل 224 مدنيا. وخطف الليبي من شوارع طرابلس يوم السبت الماضي ونقل بسرعة الى خارج ليبيا. وقدم نجاح اعتقال الليبي واخفاق محاولة قام بها كوماندوس اميركيون لخطف زعيم اسلامي في الصومال دليلا على ان الولاياتالمتحدة ما زالت مستعدة لاستخدام قوات برية لاعتقال المتشددين المطلوبين. لكن محللين يقولون ان من السابق لأوانه تحديد ما اذا كان مثل هذه العمليات قد تعني في نهاية الامر تراجع التركيز على الهجمات التي تشن بطائرات بلا طيار والتي تمثل جزءا محوريا في سياسة الرئيس الاميركي باراك اوباما في مكافحة الارهاب. وقال مسؤول ان الغارة في طرابلس نفذتها قوة دلتا للعمليات الخاصة بالجيش الاميركي. وقال عبدالله الرقيعي (19 عاما) ابن الليبي للصحافيين إن رجالا يستقلون أربع سيارات خدروا والده يوم السبت وأخرجوه من سيارته ثم انصرفوا به. والليبي مطلوب من مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي يقول ان عمره 49 عاما وعرض مكافأة قيمتها خمسة ملايين دولار لمن يساعد في اعتقاله. ووجهت اتهامات إلى الليبي عام 2000 مع 20 آخرين من القاعدة بينهم أسامة بن لادن والزعيم الحالي للتنظيم العالمي أيمن الظواهري. وقدمت لائحة اتهام ضد الليبي في نيويورك ما يجعلها مقرا محتملا لمحاكمة مدنية وليس عسكرية. وقال مسؤول أميركي إن الليبي قد يحاكم في نيويورك لكن الحكومة الاميركية لم تعلن خططها ولم يتم اتخاذ قرار. واثار اعتقال الليبي احتجاجا على عملية "الخطف" تلك من قبل رئيس الوزراء الليبي الذي يدعمه الغرب. وامتنع مسؤولون اميركيون عن الافصاح عما اذا كان قد تم اخطار الحكومة الليبية مسبقا بالعملية. ودافع البيت الابيض عما قامت به اميركا. وشكل هذا العمل استخداما لما يعرف ب"التسليم" والذي يعني اعتقال من يشتبه بأنه ارهابي في دولة اجنبية من دون اتباع اجراءات التسليم وهو اسلوب واجه انتقادا شديدا على الصعيد الدولي في ظل ادارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش. لكن اوباما احتفظ لنفسه بحق استخدامه اختياريا. وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض للصحافيين عن قضية الليبي "انه بوضوح عضو في القاعدة كما انه بوضوح مطلوب في تهم. عندما يكون الامر متاحا لنا فإننا نفضل اعتقال شخص مثل السيد الليبي". وجاء اعتقال الليبي بالتزامن مع عملية نفذتها القوات الخاصة التابعة للبحرية الأميركية في الصومال مستهدفة شخصية كبيرة في حركة الشباب تعرف باسم عكرمة والذي وصفه مسؤولون أميركيون بأنه أحد قادة المقاتلين الأجانب في الحركة. ووافق اوباما على كل من العمليتين ولكن تم التخطيط لهما بشكل منفصل. وقال كارني "حدوثهما في آن واحد من قبيل المصادفة". وقال المسؤولون ان غارة الصومال استهدفت اعتقال عكرمة لكن فريق العمليات الخاصة اوقف المهمة عندما اصبح واضحا ان اعتقاله لن يتم من دون وقوع خسائر في صفوف المدنيين وفي صفوف القوات الخاصة نفسها. وقال مسؤول اميركي شرط عدم نشر اسمه "لو كان الهدف هو قتله فلدينا طرق اخرى للقيام بذلك". وبعد الوصول الى بلدة براوة وقع اشتباك مع مقاتلي جماعة الشباب التي يقول مسؤولون اميركيون انها منيت بخسائر بشرية كبيرة. ومع تصاعد الموقف قرر قائد القوات الخاصة على الارض الانسحاب. وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن عكرمة واسمه الحقيقي عبدالقادر محمد عبدالقادر على صلة بالعضوين الراحلين في تنظيم القاعدة هارون فاضل وصالح نبهان اللذين شاركا في تفجير السفارة في نيروبي عام 1998 والهجوم على فندق وطائرة في مومباسا عام 2002. وذكر مسؤول أميركي أنه على رغم وضع عكرمة داخل حركة الشباب إلا أنه لا يعتبر مقربا بصورة خاصة من زعيم الحركة أحمد جودان. ويقول المسؤولون ان العملية الاميركية في الصومال خطط لها قبل اسبوعين ولم تكن ردا مباشرا على الهجوم الذي شنته جماعة الشباب الشهر الماضي على مركز وست غيت التجاري في نيروبي والذي اسفر عن سقوط ما لا يقل عن 67 قتيلا. وقال مسؤول اميركي ان عمليتي الكوماندوس لا تمثل تغييرا في استراتيجية مكافحة الارهاب حتى على رغم اصرار اوباما في كلمة ألقاها في ايار/ مايو على انه يريد تقليص استخدام الطائرات بلا طيار وهو اسلوب استخدمه على نحو مثير للجدل ضد المتشددين في باكستان وأفغانستان واليمن. واضاف المسؤول ان العمليتين اللتين نفذتا في مطلع الاسبوع كانتا عمليتي "اعتقال" في مناطق يعتبر استخدام هذا الاسلوب فيها امرا عمليا ولكن يظل استخدام الطائرات بلا طيار الخيار المفضل في مناطق اكثر خطورة مثل الحدود الافغانية الباكستانية.