صعّد مسلحون أمس هجماتهم التي تستهدف منشآت الجيش والشرطة، عشية مواجهات دامية في الشوارع بين مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي من جهة والأهالي والشرطة من جهة أخرى تزامنت مع احتفالات مصر بالذكرى الأربعين لانتصار «حرب أكتوبر». وأودى انفجار سيارة مفخخة في محيط مديرية أمن محافظة جنوبسيناء بحياة ثلاثة رجال شرطة وجرح العشرات، فيما قتل 6 عسكريين بينهم ضابط في هجوم مسلح نفذه مسلحون على سيارة للجيش في محافظة الإسماعيلية (إحدى مدن قناة السويس)، وفي حادث ثالث أطلق مجهولون قذائف على مقر الأقمار الاصطناعية في حي المعادي (جنوبالقاهرة) لكن من دون سقوط ضحايا». وانطلقت شرارة العمليات الإرهابية في ساعة متقدمة من صباح أمس عندما فتح مسلحون يستقلون سيارة النار بكثافة على سيارة جيب تابعة للجيش فقتلوا كل من بداخلها، وأوضح مصدر عسكري ل «الحياة» أن سيارة الجيش، التي تقل ضابطاً و5 جنود، كانت متوجهة إلى أحد المكامن العسكرية على طريق أبو صوير في محافظة الإسماعيلية تعرضت إلى هجوم نفذه ثلاثة مسلحين على الأقل يستقلون سيارة موديل «هيونداي فيرنا»، استخدموا فيه أسلحة سريعة الطلقات، ما أدى إلى مقتل الضابط والجنود الخمسة، ولاذ المهاجمون بالفرار. وعقب هذا الحادث بساعات قليلة تعرض مبنى مديرية أمن جنوبسيناء في مدينة الطور (على بعد نحو 200 كلم من منتجع شرم الشيخ السياحي)، إلى انفجار سيارة مفخخة، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من رجال الشرطة وجرح 62 آخرين، وتسبب الانفجار في إتلاف واجهة المبنى وعدد من سيارات الشرطة، وبينما رفض مصدر أمني مسؤول الجزم ب «تنفيذ انتحاري للهجوم»، انتظاراً لفحص أجهزة المعمل الجنائي وخبراء المتفجرات، لكنه أكد ل «الحياة» أن سبب الانفجار القوي يعود إلى «سيارة مفخخة انفجرت على مقربة من المبنى»، وقال «ننتظر فحص الأجهزة المعنية لاستبيان ما إن كان سبب الهجوم تفجيراً من بعد أم أنه كان في داخلها انتحاري»، مشيراً إلى أن الانفجار «خلف حفرة بطول 3 أمتار وعمقها 1.5 متر، إضافة إلى إتلاف واجهة المبنى وثلاث سيارات شرطة كانت متوقفة أمام المبنى». وحرصت وزارة الداخلية المصرية في بيان على وصف الحادث ب «الإرهابي»، واكتفت بالإشارة إلى حصول انفجار في محيط مديرية أمن جنوبسيناء، ما أسفر عن وفاة ثلاثة من رجال الشرطة وإصابة 48 آخرين. وأشار مدير الإسعاف في طور سيناء خالد أبو هاشم، إلى أنه تم نقل أربع اشخاص إلى مستشفى شرم الشيخ الدولي، لإصاباتهم الخطيرة بعدما تم علاج 31 مصاباً، وغادروا مستشفى الطور، بينما يتم حالياً علاج 31 آخرين، ولفت إلى إن سيارات الإسعاف نقلت من موقع الحادث 48 مصاباً، بينما قام الأهالي بنقل 10 مصابين بسياراتهم الخاصة، و4 إلى المستشفى العسكري. وقال مدير الإسعاف إن اثنين من الشهداء توفيا في الحال من شدة الانفجار، بينما توفي الثالث في المستشفى فور وصوله، ونقلت سيارات الإسعاف الأشلاء البشرية من موقع التفجير، سيتم عرضها على خبراء الطب الشرعي والمفرقعات. وعلى الفور وصل إلى مكان الحادث فريق من محققي النيابة، كما رفع خبراء المفرقعات آثار الحادث لاستبيان مواد التفجير المستخدمة وأسلوب التفجير، واتخذت أجهزة الأمن تدابير أمنية في محيط المكان، كما عززت قوات الجيش من إجراءات تأمين المجرى الملاحي لقناة السويس ومداخل ومخارج نفق الشهيد أحمد حمدي، ونشرت المكامن على الطرق والممرات الرئيسية التي تربط شمال سيناءوجنوبها. وكشفت المعاينة الأولية للنيابة العامة المصرية أن الحادث وقع جراء سيارة مفخخة قامت باقتحام مبنى مديرية الأمن، وتسببت في تدمير المبنى من داخله وتحطم واجهاته، ووقوع تلفيات جسيمة به وبمحتوياته، كما تبين من المعاينة أن الحادث تسبب في تحطم واحتراق عدد كبير من السيارات التابعة للشرطة والخاصة. وأمر المستشار محمد عبدالسلام المحامي العام لنيابة جنوبسيناء بندب أطباء مصلحة الطب الشرعي لتشريح جثامين القتلى وتوقيع الكشف الطبي على المصابين، وخبراء مصلحة الأدلة الجنائية لرفع الآثار الجنائية وتحليلها فنياً وتحديد أسباب الانفجار والمواد المستخدمة فيه، فيما انتقل فريق من محققي النيابة إلى المستشفيات التي يرقد فيها المصابون لسؤالهم حول مشاهدتهم وأسباب إصاباتهم. وتشن قوات الجيش بالتعاون مع الشرطة حملة أمنية مسلحة في سيناء بعدما تزايدت أنشطة متشددين مسلحين في مناطق عدة خصوصاً شمال شبه جزيرة سيناء منذ عزل مرسي مطلع تموز (يوليو) الماضي. وكان وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي تعهد في كلمة مرتجلة ألقاها في ختام احتفال جرى تنظيمه مساء أول من أمس لمناسبة ذكرى انتصار أكتوبر، ب «حماية مصر وإرادة المصريين»، وقال: «الجيش قدر التفويض الذي فوضه المصريون. وهأقولها مش بس للمصريين لكل العرب، نحن بفضل الله سنحمي مصر والمصريين وإرادة المصريين، هذا عهد زي ما أنتم أمرتم وفوضتم فنحن أمناء على هذا الأمر وهذا التفويض». وأعلن مصدر أمني أمس أن حملة تمشيط قامت بها قوات الجيش في منطقتي رفح والشيخ زويد (شمال سيناء) أسفرت عن ضبط 9 من «العناصر التكفيرية»، إضافة إلى العثور على مخازن بها كميات كبيرة من المواد المتفجرة قدرت بحوالى ربع طن تقريباً، إضافة إلى أسلحة وذخيرة مختلفة، كما تم ضبط «لغم روسي الصنع شديد الانفجار مضاد للمركبات». ولم تغب القاهرة عن هجمات المسلحين أيضاً، إذ أطلق مسلحون مجهولون فجر أمس عدداً من قذائف «أر بي جي» على محطة استقبال القمر الاصطناعي في منطقة المعادي (جنوبالقاهرة)، ما أدى إلى إصابة أحد الأطباق الخاصة باستقبال الاتصالات، لكن من دون سقوط ضحايا. وأشار مصدر أمني إلى أن القذيفة «لم تصل الى الأقمار الخاصة بالبث الفضائي وإنما استقرت في الطبق الخاص بالاتصالات الدولية وأحدثت تلفيات فيه»، لافتاً إلى أن الحادث «لم يؤثر (أيضاً) في شبكة الاتصالات الدولية لأن التلفيات طفيفة». واستمعت النيابة أمس إلى أقوال رجال الأمن المكلفين حماية المبنى، الذين أكدوا إطلاق مجهولين قذيفتي «آر بي جى» الساعة الخامسة من فجر أمس. وأمرت النيابة بندب خبراء مصلحة الأدلة الجنائية، لفحص بقايا المقذوفات الصاروخية التي تم العثور عليها، وتحديد اتجاه ومسار القذيفتين الصاروخيتين. وتبين من المعاينة الأولية أنه قد جرى إطلاق قذيفتين صاروخيتين (أر بي جي) على أحد الأطباق المركزية اللاقطة لإشارات الأقمار الاصطناعية. وأظهرت المعاينة أن الطبق اللاقط الذي جرى استهدافه، مخصص لتمرير المكالمات الدولية، وتربو مساحته على 100 متر، وأن القذيفتين أحدثتا فيه فجوة لكن لم يتم قطع الاتصالات جراء استهداف الطبق في ضوء وجود البدائل. وعثر أثناء المعاينة على أجزاء من القذيفتين الصاروخيتين اللتين جرى إطلاقهما، ورجحت المعاينة الأولية أن تكون أطلقتا من مسافة بعيدة نسبياً، كما تبين خلال المعاينة وجود قطعة أرض فضاء على مقربة من مقر مركز الأطباق اللاقطة يرجح أيضاً أن تكون هي نقطة التمركز التي جرى منها إطلاق القذيفتين.