تحاورت نغمات الفلوت والعود في إحدى صالات العرض في حي الباستيل الباريسي، تضامناً مع بلدة كفرنبل السورية وتكريماً لصمودها، وبدعوة من جمعية «سورية حرية». وقد حاور عود الفرنسي يان بيتر فلوت السورية نسيم جلال وسط لوحات ورسوم معروضة في الغاليري، تجسّد معاناة الشعب السوري الذي يواجه آلة حرب طاحنة. في الحفلة التي نظمت ليلة الجمعة - السبت، فتحت آلة الفلوت فضاءات غير متناهية للعود، ما أنتج انسجاماً بديعاً أطرب آذان الحضور. واختيرت الموسيقى لتكون ساحة تعريفية للمتلقي الفرنسي بالثورة السورية، وجوانبها المتعددة ومنها الثقافية، إذ إن الموسيقى هي إحدى دوائر المواجهة بين الثورة والنظام. وكانت الحفلة فرصة سانحة لتلاقي الموت والألم والفراق والحب والحياة عبر ثنائيات متضادة، أوجدت ساحة مواجهة بين الموت والحرية من خلال حوار موسيقي. وكأن العازفَين يريدان أن يقولا «إن ساحة المواجهة ليست على أرض الميدان فقط، وإنما هنا وعبر هذه الأمسية نريد أن نواجه نحن أيضاً، ولكن على طريقتنا». وأثمر هذا اللقاء بين عازفة عربية على آلة غربية، وعازف غربي على آلة عربية، آثاراً نفسية وروحية تخطت الجملة الموسيقية العادية لتنقل قيماً جمالية طفولية إلى المتلقي، فلم تكن الجملة الموسيقية أنغاماً فقط وإنما بدت قادرة على التقاط اللحظة وترجمتها. وكانت الموسيقى التي اعتمدت في الحفلة على الارتجال، وتنقلت بين عدد كبير من المقامات، من أجل الموسيقى. غير أن الهم السوري فرض نفسه على المتلقي، ليعطي الموسيقى هوية سورية تبدت منذ اللحظة الأولى لخروج الأنغام من فلوت نسيم جلال وعود يان بيتر الذي لم يهدأ مع حالة التلقي المرهفة لدى الحشد الكبير من أبناء الجالية السورية والجمهور العربي والفرنسي. وقد حملت الحفلة الحميمة كثيراً من الحزن وتركت آثاراً من الدموع على وجوه الحاضرين.