احتضنَ مسرح رفيق الحريري في معهد العالم العربي في باريس، ليل الجمعة - السبت، حفلة موسيقية لعازف العود السوري خالد جرماني، ضمن «أسبوع الموسيقى». وغصَّ المسرح بجمهور رغم ارتفاع ثمن التذكرة الذي تفاوت سعرها بين 20 و30 يورو. جرماني تحدثَّ الى «الحياة» عن انطلاقته الموسيقية التي تعود إلى تاريخ تخرجه من المعهد العالي للموسيقى في دمشق. وحكى عن حفلاته في مدينتي حمص والسويداء وأرياف المحافظات السورية وقراها الصغيرة. قال جرماني: «خلال اشتغالاتي الموسيقية في سورية تعرفتُ على الموسيقي الفرنسي سيرج تيسو غاي (Serge Teyssot-Gay) ومعه بدأت قصة ترحالي وانتقالي من مسارح مدن وأرياف سورية الى العالم». بدأ رحلته الأولى الى مسارح أوروبا في العام 2003 وكانت هذه المرحلة نقلة نوعية في مشروعه الفني، إذ «اكتسبتُ من خلالها كثيراً من الخبرة والتجربة ما ساعدني على الارتقاء بمشروعي الى العالمية». وبكلمات قليلة يختزل جرماني مرتكزات تطوير مشروعه الموسيقي، مشيراً الى أن «الموسيقي الجيد هو المُسَتمِعُ الجيد». ويرى أنه «من الواجب الاستماع لنتاج الثقافات الأخرى والمختلفة عن ثقافتنا، هذا الاختلاف يمنح الموسيقى صفتها المؤنسنة، الأنسنة التي تؤسس لهوية ثقافية تقوم على المحبة والجمال والسلام». ويعتبر أنَّ «الحوارَ بين آلة العود وبقية الآلات الموسيقية (حتى تلك غير المنتمية لمنظومة الشرق الموسيقية) يُنتج لغة موسيقية تنتمي الى الشرق كحاضنة ثقافية بنت شرعية لكل التجارب والثقافات». يبرر جرماني عزوف الجمهور السوري بخاصة والعربي بعامة عن حضور الأمسيات الثقافية ذات الطابع الشرقي، على عكس الإقبال الكبير من قبل الفرنسيين، أنَّ «غالبية العرب المتواجدين هنا هم من فئة الطلاب وغالباً لا يملكون ثمن دفع بطاقة الدخول، في حين أن القسم الآخر هم من الأطباء والمهندسين والطبقات التي تشغلها الحياة وماديتها عن الجري الثقافي والروحي». ويضيف: «هي عادات مكتسبة من الممارسة الحياتية والواقع المعاش، غالبية العرب لا تجد لديهم مكتبات أو أجهزة موسيقى في منازلهم، وهو أمر محزن». وينتقد هنا الإعلام العربي لكونه «يبحث عن الشعار والتسويق السياسي». في حين أنَّ الحاضنة الثقافية الأوروبية تقدم كل سبل العون لأهداف ثقافية ومهنية صرفة، كما يقول. ويضيف: «بالتوازي تجد أنَّ الحاضنة الثقافية العربية تبحث عن شعار وتوظيف الثقافة، ومنها الموسيقى، لمشاريع لا تخدم الهدف المنشود بل تحرفه عن مساره الصحيح والحقيقي». ويوضح: «صحيحٌ أنَّ الحواضنَ أووربية ولكن ثمارها عربية، فيكفي أنْ تصلَ المشاريعُ الموسيقية على آلة العود التي عمرها 5000 ألف سنة للمتلقي الغربي». يعتبر جرماني أنَّ ذات ووجدان الموسيقي هي جزء من المجتمع ولا يمكن أن يكون مفصولاً عن قضاياه، مفيداً: «الثورة في سورية نحن نؤيدها ونعتبرها ثورة ثقافة وحياة وموسيقى، وأحبذ أن أخدمها بعيداً عن الدعائية التي تجعل من مساندتنا هزيلة أمام من يضحّون بكل شيء من أجل المجموع». جرماني بدا حذراً في حديثه حول الثورة السورية، وهو المعروف بمناصرته واشتغالاته العديدة في سبيلها، مخافة السقوط في فخ وشرك الدعائية، وكذلك بسبب نفوره من تجارب الآخرين الذين يحاولون أن تكون هذه المساندة والمناصرة إضافة إلى أرصدة مكتسباتهم المادية والمعنوية. البطاقة الشخصية ولد خالد الجرماني في السويداء في العام 1972. تخرّج من المعهد العالي للموسيقى في دمشق في العام 1999، ودَرَّسَ فيه لسنتين ثم في كلية التربية الموسيقية لسنتين أيضاً، قبل أن يتفرغ للعمل الفني. في العام 2004 قَدَّمَ عملاً مشتركاً مع عازف الغيتار الفرنسي «سيرج تيسو غاي»، وبعدها بدأت شهرته تتوسّع من خلال أعمالهما المشتركة التي قدماها على أهم المسارح في أوروبا. وقد أنتجت لهما الشركة الراعية أسطوانتين موسيقيتين مشتركتين. وللفنان أيضاً، تجربة أخرى ناجحة ومسجلة في أسطوانة مع عازف الكلارينيت الفرنسي كلود ميرنيه. ومن أهم الخشبات التي عزف عليها في أوروبا، معهد العالم العربي في باريس، و»لاتينية ميوزك»، ومسرح «نيومورنينغ» و»سارسيل». وقد نالَ جرماني شهرةً واهتماماً من الصحافة الأجنبية، وكرّم من قبل راديو فرنسا الأول. واستقبلته إيطالية وبلجيكا وجنيف في دور الأوبرا وعلى المسارح الوطنية. كما قدم حفلة لإذاعة كولونيا في ألمانيا.