سارع قادة الحكومة الإسرائيلية وأركان معسكر اليمين المتطرف والمستوطنين ومعهم الإعلام العبري، إلى تحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن حادث تعرض طفلة (9 سنوات) من مستوطنة «بساغوت» المقامة على أراضي البيرة المحتلة، مساء السبت الى إطلاق النار من «قناصة»، على رغم أن المنطقة التي وقع فيها الحادث تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية. وقال رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس إن حكومته تنظر ببالغ الخطورة للهجوم، وعزاه إلى «التحريض المتواصل على إسرائيل في وسائل الإعلام الفلسطينية»، مضيفاً أنه «لا يمكن للسلطة التنصل من مثل هذه الحوادث». وأردف أن ثمة ارتفاعاً حاصلاً في الأعمال العدائية ضد اسرائيليين أخيراً. ورجحت الشرطة الإسرائيلية في بيانها الأولي أن تكون الطفلة «ضحية هجوم إرهابي، على ما يبدو»، وهو ما أبرزته صحف أمس. ونُقل عن الفتاة المصابة قولها لمعالجيها في المستشفى إنها رأت «رجلاً ملثماً يحمل سلاحاً يطلق النار باتجاهها». وأعلن جيش الاحتلال أمس أن «مطلق النار تسلل داخل السياج الأمني المحيط بالمستوطنة بعد قصّه»، مضيفاً أن «التمشيط الذي قامت به قواته داخل المستوطنة رصَدَ مسار هرب المعتدي»، وأن هذه القوات عثرت على ما يشبه السلاح تمت احالته على الفحص وتبيّن أنه ليس سلاحاً. وزاد أن المعتدي خرج بالتأكيد من المستوطنة، وأن قوات الجيش تواصل البحث عنه «والتحقيق ما زال متواصلاً». وأطلق الحادث العنان لألسن قادة المستوطنين الذين تحدثوا عن أن «الإرهاب الفلسطيني يطل برأسه من جديد تحت رعاية المفاوضات التي تجريها إسرائيل مع السلطة الفلسطينية والإفراج عن مخربين». ودعوا رئيس الحكومة إلى عدم إطلاق أي من الأسرى الفلسطينيين الذين تم الاتفاق على الإفراج عنهم قبل استئناف المفاوضات، «والعمل على دحر الإرهاب والرد بجواب صهيوني مناسب يتمثل بتكثيف البناء في المستوطنات»، وفق رئيس «مجلس مستوطنات بنيامين». وتساءل المعلقون في الشؤون العسكرية عما إذا كانت الحوادث الثلاثة في الشهر الأخير المنسوبة إلى فلسطينيين، تنذر بإشعال فتيل انتفاضة ثالثة، في ظل تواتر تقارير المؤسسة الأمنية بأنها ترصد ارتفاعاً ملموساً في محاولات التعرض الى جيش الاحتلال، في إشارة إلى مقتل جنديين إسرائيليين في قلقيلية والخليل في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بالرصاص. وقال زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» نفتالي بينيت إن حادث إطلاق الرصاص على الطفلة «خطير للغاية يضاف إلى سلسلة من الهجمات المسلحة الخطيرة والمؤلمة». ودعا زميله وزير الإسكان أوري أريئل رئيس الحكومة إلى «إطلاق يد الجيش في التعاطي بصرامة مع الإرهاب القاتل الذي عاد ليطل برأسه». وكتب المعلق العسكري في «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان أنه في حال تبين أن الحادث الأخير هو «عملية إرهابية، فإنه قد يشكل خطوة نحو انتفاضة ثالثة لا ترغب بها إسرائيل ولا السلطة الفلسطينية»، مضيفاً أنه في حال اندلعت مثل هذه الانتفاضة، فستكون نهاية السلطة الفلسطينية. وأضاف أنه على رغم أن جهاز الأمن العام (شاباك) وقيادة المنطقة الوسطى للجيش المسؤولة عن الأراضي الفلسطينيةالمحتلة «لا يملكان مؤشرات إلى أننا على عتبة موجة إرهاب أو انتفاضة شعبية»، لكن «مثل هذا العمل الإرهابي قد يدفع مستوطنين إلى الرد عليه بأعمال انتقامية فردية يرد عليها الفلسطينيون بالمثل، وعندها لن يستطيع أحد من السياسيين وقف كرة الثلج». «حماس» تبارك بدوره، بارك الناطق باسم حركة «حماس» فوزي برهوم في بيان أمس «كل العمليات البطولية المقاومة التي يسطرها أهلنا في الضفة الغربية وتستهدف جنود الاحتلال والمغتصبين الصهاينة رداً على كل عمليات العنف والقمع والإرهاب التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في حق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا ورفضاً لمخططاته الاستيطانية والتهويدية». في الوقت ذاته، استنكر برهوم بشدة «الحملة الأمنية الخطيرة المستمرة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في الضفة، والتي استهدفت أخيراً محافظة جنين ومخيمها، مخيم الصمود والانتصار». واتهم الأجهزة بأنها «تقوم على مدار الساعة، وبغطاء سياسي من حكومة الضفة وقيادة السلطة وبالتنسيق مع الاحتلال، بملاحقة المقاومين والمجاهدين ورموز المقاومة وعناوين الشعب الفلسطيني وخطفهم واقتحام بيوتهم وتحطيم أثاثها والتعدي على حرماتها». واعتبر أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية بأنه «عمل مشين وخطير وخروج عن الخط الوطني». الى ذلك، اعتبر عضو اللجنة المركزية ل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» عماد أبو رحمة أن حملة الاعتقالات التي طاولت قياداتها وناشطيها في نابلس «أمر متوقع باعتبار أن الجبهة فصيل مقاوم يرفض الاعتراف بشرعية دولة الكيان الصهيوني، ويتبنى نهج المقاومة بديلاً من نهج المفاوضات العقيمة وفقاً لمرجعيات (اتفاق) أوسلو». استطلاع إلى ذلك، أفاد استطلاع «مقياس الديموقراطية 2013» الذي يجريه سنوياً «المعهد الإسرائيلي للديموقراطية» ان غالبية الإسرائيليين تعتقد بوجوب توافر غالبية يهودية في استفتاء لدعم أي قرار يتعلق بالسلام والأمن، مثل الانسحاب من أراضٍ فلسطينية محتلة، رافضين أن تكون للكنيست الصلاحية لإقرار اتفاق سلام من رفضه.