اندلعت أمس اشتباكات بين مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي وقوات الشرطة من جهة وبينهم والأهالي من جهة أخرى في القاهرة وعدد من المحافظات المصرية، ما أدى إلى سقوط خمسة قتلى على الاقل وعشرات الجرحى. وعززت الاشتباكات التي رافقت تصعيد «الإخوان» احتجاجاتهم المخاوف من حصول مواجهات واسعة غداً في الذكرى الأربعين لحرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973، لا سيما أن مؤيدي الحكم الموقت سيحتشدون في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية الرئاسي، وهي الأماكن التي حاول أنصار «الإخوان» أمس الوصول اليها قبل أن تمنعهم قوات الشرطة والجيش. واستبقت الجماعة تظاهرات مُرتقبة غداً بتصعيد احتجاجاتها عبر تنظيم مسيرة وصلت إلى مشارف وزارة الدفاع في حي كوبري القبة. ووقف المتظاهرون أمام حاجز للجيش قبل مقر الوزارة بعشرات الأمتار، وظلوا يهتفون بشعارات تأييد لمرسي، ولوحوا بصوره وإشارات «رابعة». وأغلقت قوات الجيش كل الطرق المؤدية إلى المقر بعد أسابيع من الهدوء الذي ساد محيطها. كما حاولت تنظيم مسيرات أخرى من مناطق مختلفة إلى ميدان التحرير ومحيط مسجد رابعة العدوية في القاهرة، لكن قوات الجيش والشرطة منعتها وأغلقت ميدان التحرير بالأسلاك الشائكة والآليات العسكرية ومنعت مرور السيارات أو المارة فيه. واعتمدت القوات على مواجهة تجمعات «الإخوان» قبل وصولها إلى الميدان بمئات الأمتار، وألقت قنابل الغاز المسيل للدموع على متظاهرين وأطلقت الرصاص في الهواء لتفريقهم. وقُتل متظاهر من أنصار مرسي باشتباكات في حي المنيل القريب من التحرير، فيما ذكرت وكالة «رويترز» أن أربعة قتلى سقطوا في مدينة أسيوط بالرصاص. وأعلنت السلطات اغلاق ميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية الرئاسي حتى الرابعة عصر اليوم، لمنع وصول «الإخوان» إليهما قبل تظاهرات الغد. وخرجت كبرى المسيرات في القاهرة من حي مدينة نصر، إذ التقت مسيرات صغيرة خرجت من مساجد عدة بعد صلاة الجمعة لتضم بضعة آلاف توجهوا صوب ميدان رابعة العدوية، لكن قوات الجيش والشرطة كانت أغلقته بالحواجز الحديد والأسلاك الشائكة، ومنعتهم من دخوله. وكانت اشتباكات متفرقة وقعت بين أنصار مرسي والأهالي في مناطق مختلفة في القاهرة والمحافظات، بعدما هتف «الإخوان» ضد الجيش وقادته، فرد معارضوهم بتأييد وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي، لتقع احتكاكات تحولت غالبيتها إلى اشتباكات بالحجارة والزجاجات الحارقة والرصاص. وتكررت المصادمات في المحافظات، خصوصاً في مدن الفيوموأسيوط والزقازيق في محافظة الشرقية وبورسعيد. وقتل مسلحون مجنداً في الجيش ومساعد ضابط وجرحوا ضابطاً في هجوم استهدف حافلة كانت تقلهم على طريق القاهرة - الإسماعيلية الصحراوي، وتمكن الجيش من توقيف منفذي الهجوم. إلى ذلك، باتت عملية صياغة تعديلات على الدستور الذي كان عطله الجيش عقب قرار عزل مرسي «في طورها النهائي» مع قرب انتهاء المهلة الزمنية المحددة للجنة المقرر لها مطلع الشهر المقبل، فيما ينتظر اللجنة «أسبوع حاسم»، بحسب مصادر متطابقة، للبحث عن صياغات توافقية للمواد المثيرة للجدل، تمهيداً لصدور مسودة للدستور قبل بداية عطلة عيد الأضحى الأسبوع المقبل. وتوقع رئيس لجنة الدستور عمرو موسى الانتهاء من مسودة لمشروع الدستور قبل عطلة العيد، لكنه أوضح ل «الحياة» أن تلك المسودة «داخلية ولن تُعلن عنها، إذ أنها لن تتضمن صياغات نهائية للمواد وستكون هناك صياغتان لبعض المواد وعبارات ما بين الأقواس، على أن يتم طرح تلك المسودة للنقاش بعد العيد». وكشف أن بعض المواد الخلافية في الدستور «توصلنا إلى توافقات في شأنها، والبعض الآخر سيخضع للنقاش الأسبوع الجاري». لكنه لم يفصح عن تلك المواد، وإن أشار إلى أن «تقدماً جرى نحو التوصل إلى صياغات توافقية» في شأن المادة المتعلقة بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية التي يستند إليها الدستور ويتمسك حزب «النور» السلفي بصياغتها الحالية، فيما تطالب قوى أخرى بالاكتفاء بالإشارة إلى مرجعية مبادئ الشريعة على غرار الدساتير السابقة. وأشار إلى أن «اجتماعاً سيحصل خلال الأسبوع الجاري هو الثاني من نوعه سيضم ممثلين عن حزب النور وأعضاء في اللجنة». واتفق ممثل «النور» في اللجنة صلاح عبدالمعبود مع تأكيد موسى أن «هذا الأسبوع سيشهد حسم الخلافات في شأن مواد الدستور»، موضحاً أن النقاشات في شأن مواد الشريعة تتأرجح بين «حذف كلمة مبادئ أو وضع تفسير لها، لكن الاتجاه الأرجح هو وضع تفسير لهذه الكلمة». وأشار إلى اعتراض حزبه وأطراف أخرى على المادة المتعلقة بحظر إنشاء الأحزاب على أساس ديني، معتبراً أنها «مادة غامضة ومطاطة ويمكن للسلطة استخدامها بحسب أهوائها». لكنه أضاف أن «هناك جلسات على هامش أعمال تعديل الدستور، والجميع يدرك الحاجة إلى التوافق وتقريب وجهات النظر».