أكد الروائي محمد حسن علوان أنه لم يجد أي دافع للاستمرار في كتابة الرواية، بسبب ما وجه له المجتمع من كلمات النقد الجارحة. وقال إن الأمر وصل به إلى حد أنه فكر بسحب جميع نسخ روايته الأولى «سقف الكفاية» من مكتبات المملكة وبيروت وحرقها، «حتى أرتاح من هذا الضغط الهائل الذي تعرضت له في بدايتي، وكنت متخوفاً كثيراً من المجتمع من حولي». لكنه وبعد أن قرر وضع حد لتجربته مع كتابة الرواية، «فوجئت بجرعة أمل من النقاد، مثل عبدالله الغذامي ومعجب الزهراني والراحل غازي القصيبي. فكانت مقالاتهم بمثابة المعالج النفسي حتى نسيت فكرة سحب المطبوعات نهائياً، ولولا كثرة المواقف التشجيعية من النقاد والأدباء والأصدقاء لما كنت حالياً في هذا الملتقى». وقال علوان في الملتقى الثقافي الذي ينظمه الروائي والكاتب الكويتي طالب الرفاعي في منزله بالكويت أخيراً، إنه استطاع تجاوز أزمته الأولى، «أما الأزمة الثانية فكانت بعد الطبعة الثانية من (سقف الكفاية) بعد حوالى عام من إصدار الراوية، فواجهت مشكلات اجتماعية حتى من الأقارب، وكنت قريباً جداً من تغيير محتوى الرواية حتى أقوم بإرضاء الجميع، ولكني عدلت عن هذا القرار بعد أن أوشكت على هذا التغيير». ولفت إلى أنه حين بدأ كتابة الرواية لم تكن الرواية حاضرة في المشهد الأدبي، «فلم يكن في الساحة سوى أربعة أو خمسة أسماء من الروائيين»، وهو المشهد الذي سيتحول بعد 10 أعوام، لتصبح الرواية الأكثر مبيعاً في معارض الكتب بالمملكة على حد قوله. وقال إنه ليست لديه طقوس لكتابة الرواية، موضحاً: «أكتب روايتي عادة في شكل متقطع بسبب الدراسة وبسبب كثرة الارتباطات بين الوظيفة والأمور الحياتية». وذكر علوان في اللقاء الذي أدارته الكاتبة منى الشمري وحمل عنوان «الرواية السعودية... شهادة ومشهد» ويدشن الموسم الثالث للملتقى، أن الكتاب الشباب يواجهون أموراً عدة، منها غياب التشجيع والدعم والحروب الاجتماعية التي تشن في وجوههم. وبخصوص موجة الكتابة الروائية التي تنمو في المملكة وما تتعرض له من انتقادات يشنها النقاد والكتاب المحترفون على صغار الكتاب، ممن بدأ مشواره بكتابٍ ضعيفٍ نسبياً، أوضح علوان أنه يجب دعم هؤلاء الكتاب، «بغض النظر عن مدى الرصانة الأدبية التي يتمتعون بها، فدعم مثل هؤلاء لإصدار الأعمال المكتوبة يفيد المشهد في صورة عامة، بحيث تصبح الكتابة فعلاً شائعاً يمارسه الجميع بلا مخاوف أو تردد». في المداخلات قال الروائي إسماعيل فهد إسماعيل إنه من خلال قراءته لأعمال علوان وجد فيها صورة شعرية تطغى على المشهد الروائي لديه، وأنه توقف كثيراً عند رواية «القندس» التي وجدها شبيهة بمدرسة الشيئية، وسأل إسماعيل علوان: لماذا دارت روايتك حول القندس وهو حيوان يحمل صفة تدميرية؟ فرد علوان: لأنني وجدت تشابهاً غريباً بين سلوك القندس والإنسان، القندس يقطع غابة كاملة لأجل أن يبني سداً ويغير مجرى النهر، إنه يدمر البيئة بكل ما يحمله داخله من تدمير وقلق، وكذلك نفعل نحن بني البشر فكلنا قنادس». وقالت الكاتبة هدى الشوا إنها وجدت شبح البير كامو في رواية «الغريب» يسيطر على رواية «القندس» من خلال ضمير المتكلم، وشعور البطل بالغربة والبرودة التي تعتري النفس السردية، فأجابها علوان أنه قرأ «الغريب» وقرأ رواية «موسم الهجرة للشمال» للطيب صالح الشبيهة بها، وقال إن شخصية البطل في «الغريب» مركزية، ومن الممكن إيجادها في عشرات الروايات. وأبدت الكاتبة ليلى العثمان إعجابها بالعناصر الجمالية التي يتمتع بها علوان في كتابة الرواية، مضيفة: «عندما قرأت لعلوان في المرة الأولى شعرت بمتعة كبيرة أثناء القراءة، وبعد ذلك وضعت محمد علوان ضمن أولوياتي في قراءة الروايات». وكان الكاتب والروائي الكويتي طالب الرفاعي استهل اللقاء بالترحيب للكاتب علوان، وقال إن فترة الصيف كانت مثمرة جداً بالنسبة إلى الملتقى، وتطرق إلى مجلة «بانيبال» وتكريسه عدداً عن الأدب الكويتي، وقال إنها مجلة تصدر باللغة الإنكليزية منذ 15 عاماً في بريطانيا، «وللمرة الأولى في تاريخ الكويت يصدر كتاب عن الأدب في الكويت يتناول حوالى 18 اسماً من أدباء الكويت، وهذا العدد لم يصدر لولا الدعم الموجود من بعض الأشخاص خارج الملتقى». ولفت إلى أنهم في الملتقى عملوا على إصدار جدول كامل من أمسيات الملتقى، بعد أخذ آراء أعضاء الملتقى الثقافي في أكثر من جلسة. وفي ختام اللقاء قدم طالب الرفاعي درعاً تذكارية من الملتقى الثقافي إلى محمد حسن علوان.