بعد تحقيقات استمرت ساعات طويلة، اتهم القضاء اليوناني 4 من نواب حزب «الفجر الذهبي» النازي الجديد، ب «تشكيل منظمة اجرامية والانتماء اليها»، لكنه قرر إطلاق 3 منهم بينهم الناطق الرسمي باسم الحزب الياس كاسيذياريس. وشكل ذلك صدمة للحكومة التي حاولت إعطاء انطباع بأنها قدمت أدلة دامغة على تورط الحزب النازي بجريمة قتل الفنان المناهض للفاشية بافلوس فيساس قرب اثينا في 18 ايلول (سبتمبر)، وأن قرار التصفية الأخير أصدره زعيم الحزب نيكوس ميخالولياكوس. ووصفت مصادر في الائتلاف الحاكم قرار القضاء بأنه «غير متوقع»، خصوصاً ان مراقبين اعتبروا أن كشف مضمون الاتصالات الهاتفية بين مرتكب الجريمة المنتمي الى الحزب وقادة فيه، سيشكل دليلاً كافياً على أن أمر القتل صدر بترتيب هرمي بدءاً من مسؤول الحزب في منطقة الجريمة مروراً بأحد نواب الحزب ووصولاً الى زعيمه. وفي تعليق «هادئ» على القرار، أكدت الحكومة أهمية عمل القضاء ب «استقلال تام»، معتبرة ان القضية «ما زالت في بدايتها، والطريق طويل لحسمها»، علماً ان رئيس الوزراء أدونيس ساماراس كان صرح بأن «حكومته تلتزم مكافحة التطرف ضمن إطار القانون». لكن نواباً في الحزب الحاكم رأوا أن الحكومة ربما استعجلت في توجيه اتهامات الى الحزب النازي. واعتبرت مصادر قضائية ان تقيّيد حركة المتهمين الثلاثة المفرج عنهم، باستثناء يانيس لاغوس الذي وضع قيد السجن الاحتياطي، وفرض كفالة مالية لإطلاقهم، يوحيان بتوافر أدلة خطرة ضدهم في هذه المرحلة الأولية والتي لا تهدف إلى إثبات التهمة ضدهم او نفيها. لكن صحيفة «توفيما» أفادت بأن التحقيق تشوبه نقاط ضعف، بينها حصره بجريمة قتل الناشط اليساري، من دون توسيعه الى 11 جريمة ارتكبت ضد أجانب، منسوبة إلى اعضاء في الحزب، كما لا تتوافر فيه أدلة كافية لإدانة المتهمين، وبعضها ليس واضحاً. وقال عارف العبيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بانديو ل «الحياة»، إن «اطلاق البرلمانيين الثلاثة يرتبط بالحصانة التي منعت محاسبة أي مسؤول على انهيار البلاد اقتصادياً». وزاد: «ثمة مشكلة في الفراغ الدستوري والقوانين التي شُرِعت منذ دخول اليونان المنظومة الأوروبية، ما يكشف عيوب وزارة العدل في محاسبة مقصّرين وحتى مجرمين يمارسون عملهم السياسي ضمن البرلمان». ورأى أن اعتقال نواب من حزب «الفجر الذهبي» يهدف الى تحطيمه سياسياً، بعدما كشفت استطلاعات تقدم مرشحه الياس كاسيذياريس على باقي مرشحي الأحزاب لرئاسة بلدية أثينا. ولم يستبعد إسقاط الاتهامات عن النواب الثلاثة خشية جعلهم أبطالاً أمام الرأي العام، ما قد يدفع شريحة كبيرة من الشعب الذي يواجه ازمة اقتصادية عصيبة الى منح أصواتها الى حزب «الفجر الذهبي» في الانتخابات، كرد فعل طبيعي على اجراءات التقشف القاسية التي أنهكت اليونانيين اقتصادياً ومعنوياً.