بدأ خبراء نزع الأسلحة الكيماوية امس وضع قائمة بترسانة الأسلحة الكيماوية السورية والتحقق من لائحة المواقع التي قدمتها دمشق وإجراء فحوصات ميدانية، في مهمة وُصفت بأنها «تاريخية» في دمشق. ويضم الفريق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية 19 مفتشاً، وكان وصل إلى دمشق أول من امس لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2118 الذي أمر بالتخلص من ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية بحلول 2014. كما يضم 14 من موظفي الأممالمتحدة. وأقام الفريق لدى وصوله إلى مقر إقامته قاعدة لوجستية. وجاء في بيان صادر عن الأممالمتحدة: «في الأيام المقبلة يُتوقع أن تركز جهودهم على التحقق من المعلومات التي قدمتها السلطات السورية ومرحلة التخطيط الأولية لمساعدة البلاد على التخلص من منشآت إنتاج الأسلحة الكيماوية». وأضاف انه من المتوقع أن تنتهي هذه المرحلة بحلول 1 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وكانت السلطات السورية قدمت في 19 أيلول (سبتمبر) الماضي لائحة بمواقع الإنتاج والتخزين إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي تتخذ من لاهاي مقراً. ومن المقرر أن يزور المفتشون هذه المواقع خلال الأيام الثلاثين المقبلة، في إطار اتفاق روسي - أميركي يلحظ التخلص من الترسانة السورية بحلول منتصف العام 2014. وتعد العملية المرتقبة من الأكثر تعقيداً في تاريخ نزع هذا النوع من الأسلحة. ورغم أن عمليات مماثلة جرت في العراق وليبيا في أوقات سابقة، لكنها أول مرة تنزع الأسلحة الكيماوية من بلد غارق منذ 30 شهراً في نزاع دام أودى بحياة اكثر من 110 آلاف شخص. ووفق تقديرات الخبراء، تمتلك سورية اكثر من ألف طن من الأسلحة الكيماوية، بينها نحو 300 طن من غاز الخردل والسارين، موزعة على نحو 45 موقعاً في مختلف أنحاء البلاد. وكان مسؤول في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية اكد الأحد الماضي: «حالياً لا يوجد لدينا أي سبب للشك في المعلومات المقدمة من النظام السوري»، في إشارة إلى اللائحة التي قدمتها دمشق. وكان الرئيس السوري اكد في مقابلة تلفزيونية مع قناة إيطالية التزام دمشق تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 2118 الذي تم التوصل إليه بالإجماع ليل الجمعة -السبت في توافق ديبلوماسي غير مسبوق منذ اندلاع الثورة السورية في بداية 2011. وبدأ الخبراء مهمتهم في سورية غداة إنهاء خبراء الأممالمتحدة حول الأسلحة الكيماوية برئاسة السويدي آكي سلستروم مهمتهم الثانية في سورية التي شملت التحقيق في سبعة مواقع يتبادل النظام والمعارضة الاتهامات بارتكاب هجمات بالأسلحة الكيماوية فيها. ومن المقرر أن يقدم الخبراء الستة تقريراً شاملاً نهاية الشهر الجاري. وسبق للفريق أن قدم تقريراً أولياً اكد فيه استخدام غاز السارين على نطاق واسع في هجوم وقع قرب دمشق في 21 آب الماضي. ولوحت الدول الغربية، وفي مقدمها الولاياتالمتحدة، بشن ضربة عسكرية ضد النظام السوري الذي تتهمه بالمسؤولية عن هذا الهجوم. ويدعو القرار كذلك إلى عقد مؤتمر دولي للتوصل إلى حل للأزمة السورية اصطلح على تسميته «جنيف 2»، في «اقرب وقت ممكن». إلا انه لم يتم بعد تحديد شكل هذا المؤتمر والمشاركين فيه، علماً أن الموعد المرجح له سيكون منتصف تشرين الثاني. كما أن موضوع المشاركين السوريين في المؤتمر لم يتحدد بعد. فقد اعلن رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض احمد الجربا من نيويورك السبت استعداد «الائتلاف» لإرسال ممثلين عنه إلى المؤتمر. إلا أن الأسد اعتبر في مقابلته التلفزيونية الأحد: «يمكن لأي حزب سياسي أن يحضر ذلك المؤتمر، لكننا لا نستطيع التحدث على سبيل المثال إلى منظمات تابعة للقاعدة أو إلى إرهابيين (...) لا نستطيع التفاوض مع أشخاص يطلبون التدخل الخارجي والتدخل العسكري في سورية». من جهة اخرى، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر للاستثمار أمس إن القوى العالمية «على المسار الصحيح» في خطة إزالة الأسلحة الكيماوية السورية. وأضاف بوتين الذي توصلت بلاده إلى اتفاق مع الولاياتالمتحدة الشهر الماضي في شأن تجريد سورية من أسلحتها الكيماوية أن التعاون لحل الصراع سيساعد في أن تتجنب دمشق التدخل العسكري. وأضاف الرئيس الروسي أن خطة إزالة الأسلحة الكيماوية التي أنعشت جهود عقد مؤتمر دولي للسعي لحل الصراع ما كان ليمكن تنفيذها من دون دعم الرئيس الأميركي باراك أوباما وزعماء كثير من الدول. وقال: «أعتقد أننا إذا واصلنا التحرك بهذه الطريقة المنسقة فلن يكون هناك داع لاستخدام القوة وزيادة عدد الجرحى والقتلى في أرض سورية التي تعاني منذ فترة طويلة».