«إن المرء المتحمس لعمله لا يخشى شيئاً في الحياة» غولدوين. وعدنا في مقالة سابقة بأن نتحدث عن عوامل القوة النفسية، وقبل التعليق الموجز عليها نوطد بكلمات عن الدافعية والحماسة، فكم مرة التهبت فيها حماسة لشأن من الشؤون، وعقدت العزم على أمر من الأمور، لتصبح في اليوم التالي وكأنه لم يطرأ لك على بال كأن تعزم على التسجيل في نادٍ رياضي أو الالتحاق بدورة تدريبية مفيدة أو غير ذلك وهذا مما يطفئ الاشتعال الإيجابي في داخل الإنسان، لأنه جرب نفسه أكثر من مرة، وأصيب بخيبة الأمل، فهو لا يدري أن الحماسة لا تبقى إلى الأبد، وبالفعل فقد قيل لأعرابي بما عرفت ربك؟ فقال: بنقض العزائم، وصرف الهمم، وكان من دعاء النبي، صلى الله عليه وسلم، اللهم إني أسألك العزيمة على الرشد، والثبات في الأمر، فلا يكفي أن تعزم بل لا بد أن تثبت والثبات على ممارسة ما يعود بالنفع دائماً هو مصدر الإشراق النفسي، فبمجموع النجاحات الصغيرة اليومية تتضافر العوامل المنعشة للإنسان وهكذا، فالسير البطيء هو أسرع طريقة للتفوق، قال صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل». وهذا يتأتى أن نعلم بأن الدافعية شعور كأي شعور يأتي ويذهب، ولا يمكن أن يكون اليوم مثله بالأمس، فلا نقف متعجبين من زئبقيته، بل نحاول جاهدين أن نقبض عليه، وهو متلبس بنا، ونحوله إلى واقع عملي بخطوات متزنة، ليأتي علينا اليوم الذي نحوز فيه على الصفات التي تؤهلنا إلى استحضاره متى شئنا، فالنفس لها عضلات، وهذه العضلات تزداد قوة ومتانة مع التدريب المستمر. العطاء غير المشروط لا شيء يضفي المعقولية على الحياة مثلما يضفيها العطاء غير المشروط ومساعدة الآخرين، لذلك رأينا من لا يؤمن بدين وهو يطوف العالم، باحثاً عن المنكوبين والمساكين، ليقدم لهم الدعم والمساندة، ورأينا من لا يخاف الآخرة، ولا يرجو رحمة ربه، يناضل من أجل الطبقات المسحوقة، أو يفني عمره باحثاً ومؤلفاً في هذا الشأن، ونحن نعلم مدى انتشار جمعيات الإحسان في طول أوروبا وأميركا وعرضهما لماذا كل هذا؟ لأن حياة واحدة لا تكفي، فإذا انطلقنا من المنطلق السليم وهو التعبد لله بكل ذلك، والتعرف على الأجور المرتبة على مثل هذه الأعمال من خلال استقراء الوحيين، فلا شك أننا سننعم بالطاقة النفسية المطلوبة لمواجهة الخواء واللاثمرة. [email protected] TALSH3@