أعلنت حركة «النهضة» الإسلامية أنها لن تدعم أي مرشح في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، فيما شنّت الوحدات الأمنية والعسكرية حملات من أجل إلقاء القبض على عناصر مسلحة شمال غربي البلاد. وقرر مجلس شورى «النهضة»، الذي أنهى أعماله ليل أول من أمس، عدم دعم أي مرشح رئاسي وترك الحرية لأنصار الحركة وناخبيها لاختيار الرئيس الذي يرونه مناسباً، لينهي بذلك جدلاً كبيراً في البلاد حول الشخصية الذي ستحظى بدعم الإسلاميين في السباق الرئاسي. وقال رئيس مجلس شورى «النهضة» فتحي العيّادي في مؤتمر صحافي، إن «المجلس يترك للشعب التونسي وأنصار النهضة حرية اختيار رئيس ديموقراطي يضمن الحقوق والحريات وعدم هيمنة حزب على كل مؤسسات الدولة». وكان الرأي العام التونسي ينتظر هذا القرار الذي من شأنه أن يؤثر على حظوظ المرشحين في الانتخابات الرئاسية، بخاصة وأن «النهضة» تحتل المركز الثاني في البلاد من حيث مقاعد البرلمان (69 مقعداً من أصل 217) ولها قاعدة انتخابية واسعة يمكن أن تساهم بفوز أحد المرشحين في حال نال دعمها. وأكد أعضاء في مجلس الشورى ل «الحياة»، أن المجلس شهد خلافات عميقة بين أعضائه، حيث سعى عدد منهم الى دعم الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي أو أحد المرشحين الذين لا ينتمون إلى حزب «نداء تونس» العلماني أو المحسوبين على النظام السابق. ويعتبر مراقبون أن هذا القرار سيقلص من حظوظ مرشحين أمثال المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي المنتهية ولايته مصطفى بن جعفر وزعيم الحزب «الجمهوري» أحمد نجيب الشابي الذين كانوا ينتظرون دعم الحركة الإسلامية ليحظون بفرصة جدية للمنافسة في السباق الرئاسي. كما أن من شأن هذا القرار أن يعزز حظوظ مرشح حزب «نداء تونس» (الحزب الأول في البرلمان المقبل) الباجي قائد السبسي في الفوز بمنصب رئيس الجمهورية، وصعود أسهم مرشح «الجبهة الشعبية» (تحالف اليسار والقوميين) حمة الهمامي وتراجع حظوظ المرزوقي. وقال متابعون للشأن السياسي التونسي، إن حركة «النهضة» حاولت تجنّب دعم مرشح غير قادر على الفوز في السباق الرئاسي حتى لا تظهر أمام الرأي العام بصورة المنهزم، خاصة بعد فقدانها المرتبة الأولى في الاستحقاق البرلماني. وحافظت «النهضة» بذلك على حد أدنى من التواصل مع منافسها العلماني (نداء تونس) من خلال عدم دعم أي منافس له لتمهد الطريق أمام دخولها في مفاوضات معه حول تشكيل الحكومة المقبلة أو إعلان ائتلاف حكومي يجمع الحزبين. ويمنح الدستور التونسي الجديد رئيسَ الحكومة معظمَ السلطات التنفيذية، في مقابل سلطات محدودة لرئيس الجمهورية تتمثل بالسياسة الخارجية والأمن القومي وقيادة القوات المسلحة، وسلطات للبرلمان تخوله حجب الثقة عن الوزراء والحكومة. وتُنظَّم الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التعددية الأولى التي تشهدها تونس، قبل نهاية كانون الأول (ديسمبر) المقبل. في غضون ذلك، أكد الناطق باسم وزارة الداخلية التونسية محمد علي العروي «توقيف عدد من العناصر الإرهابية الخطيرة في عمليات أمنية متواصلة رداً على العملية الإرهابية التي حصلت الأربعاء الماضي في منطقة نبر بمحافظة الكاف» شمال غربي البلاد. ورفض العروي الإدلاء بتفاصيل حول التوقيفات «حتى لا يتم التأثير على العمليات الجارية التي تشارك فيها وحدات أمنية وعسكرية». وتشمل العمليات محافظات الكاف والقصرين وجندوبة الممتدة على الشريط الحدودي الغربي المشترك بين تونس والجزائر. وكانت مجموعة مسلحة هاجمت حافلة عسكرية في الطريق التي تربط بين محافظتي الكاف وجندوبة (شمال غربي البلاد)، ما أسفر عن مقتل 5 عسكريين وإصابة 10 آخرين بإصابات مختلفة، وفرار المسلحين. وتخوف مسؤولون تونسيون ومراقبون من تأثير العمليات المسلحة على العملية الانتخابية.