في سابقة منذ أكثر من ثلاثة عقود، اتصل الرئيس الأميركي باراك أوباما بنظيره الإيراني حسن روحاني هاتفياً فيما كان الأخير يتوجه إلى المطار عائداً من نيويورك إلي بلاده، ما أثار ردود فعل متباينة في ايران. إذ اعتبر الأصوليون الاتصال تجاوزاً للخطوط الحمر، فيما لقي ترحيباً من الإصلاحيين والمعتدلين. وتضاربت الروايتان الرسميتان الإيرانية والأميركية حول الجهة التي طلبت الاتصال، في حين سارع مسؤول بارز في إدارة اوباما إلى تأكيد أن واشنطن أبلغت تل أبيب في شأن المحادثة الهاتفية، مشدداً على أن الحكومة الإسرائيلية «تملك كل الحق في التشكيك» بتعهدات طهران حول برنامجها النووي. ولدى وصوله إلى مطار مهرباد في طهران، أوضح روحاني أن البيت الأبيض اتصل بالوفد الإيراني إثر انتهاء مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأبلغه رغبة أوباما في إجراء اتصال هاتفي لدقائق بالرئيس روحاني. وأجري الاتصال عبر هاتف السفير الإيراني لدي الأممالمتحدة محمد خزاعي الذي رافق روحاني، وركز الحديث الذي استغرق ربع ساعة، علي أزمة الملف النووي الإيراني. وقال روحاني: «أبلغت الرئيس الأميركي أنه يجب تسريع المحادثات مع مجموعة الدول الست الكبرى، وأن سياستنا الخارجية تستند إلي عزة إيران وحكمتها ومصلحتها». وأشار إلي أن «القيادة الإيرانية أوصت باتخاذ أي خطوة تحقق مصالح البلاد، وتعالج مشاكل الشعب، وهو ما أكدته في الحديث بأن الضغوط (العقوبات) التي يتعرض لها شعبنا غير قانونية وغير صحيحة وغير مقبولة». واكد روحاني أن أوباما شاطره الرأي، مبدياً اعتقاده بإمكان إيجاد «حل شامل»، وأنه كلّف وزير الخارجية جون كيري متابعة المفاوضات. وأوضح الرئيس الإيراني أن سياسة حكومته تعتمد «مرونة الأبطال» التي دعا إليها مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي، و «لا نريد تخطي حاجز القيم والمبادئ الوطنية، علماً أنني رفضت لقاء الرئيس اوباما في نيويورك لأن ذلك يحتاج إلي تنسيق أكبر ولا يخدم التصورات التي نرغب في طرحها». في مقابل ذلك، أكد مسؤول أميركي رفيع المستوى في ايجاز صحافي تابعته «الحياة» أن المكالمة تمت عبر مترجم، وبعد تلقي البيت الأبيض اشارات من الديبلوماسيين الايرانيين أول من أمس الجمعة بأن روحاني «يريد الحديث مع أوباما قبل مغادرة نيويورك، وهو ما تم سريعا وغادر روحاني بعدها والوفد المرافق. وبعد الاتصال ب45 دقيقة، تحدث أوباما للصحافيين في البيت الأبيض مؤكدا اجراء الاتصال الأول من نوعه منذ مكالمة الرئيس السابق جايمس كارتر مع شاه ايران الأخيرة في 1978 والقطيعة بين البلدين بعد الثورة في 1979. وقال أوباما أنه وروحاني أصدرا تعليمات لفريقيهما بالعمل على وجه السرعة لإنجاز اتفاق في شأن برنامج إيران النووي. واعتبر إن هناك فرصة فريدة لإحراز تقدم مع طهران في مسألة تسببت في عزلة إيران عن الغرب. واستقبل روحاني لدى عودته إلى طهران حوالى 300 من أنصاره الذين هتفوا «روحاني نشكرك»، وكذلك مجموعة من معارضيه هتفت «الموت لأميركا» و «الموت لإسرائيل». ورمى أحدهم حذاء على سيارة الرئيس الإيراني من دون أن يصيبها. واتهم رئيس تحرير صحيفة «كيهان» المتشددة حسين شريعتمداري، روحاني بعدم الصدق في روايته حول الجهة التي طلبت إجراء الاتصال، وذلك استناداً الى قول مستشارة اوباما لشؤون الأمن القومي سوزان رايس إن «روحاني طلب المكالمة». وعلّق رئيس مجلس الشوري (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني بأن «تصريحات رايس تؤكد أن تصرفات واشنطن تناقض أفعالها، ولا يمكن الاعتماد علي هذا السلوك»، داعياً الإدارة الأميركية إلى الكف عن تهديد إيران. وكان لافتاً أن صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية نقلت عن مسؤولين أميركيين أن «إيران اخترقت أجهزة كمبيوتر غير سرية تابعة للبحرية الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة»، في تصعيد للاختراقات الإلكترونية الإيرانية التي تستهدف الجيش الأميركي.