احتفل السعوديون بيومهم الوطني ال83 الإثنين الماضي، الذي يوافق الأول من الميزان من كل عام. هذا اليوم المجيد يأتي مباشرة بعد احتفالات السعوديين بثماني سنوات على تسنم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في البلاد. والمناسبتان لا يمكن فصلهما، والنظر لإحداهما بمعزل عن الأخرى، كما أنه لا يمكن تعداد ما تحقق من إنجازات بمعزل عن اسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز. فاسم «أبومتعب» ارتبط في أذهان مواطنيه بالتنمية، والعمل الجاد، والتغيير الجذري في تركيبة الاقتصاد السعودي، ولا بد لكل عاقل منصف من أن يشهد بذلك ويبصم عليه. وللتذكير الذي لا يقصد منه الحصر، يكفي معرفة أن الجامعات تفوق ال30 اليوم. والابتعاث يشارف عدد طلابه على 150 ألف طالب وطالبة، وهو ما لم يتحقق خلال الأعوام الطويلة في التاريخ السعودي. وسكك الحديد، وفتح المطارات، ومشاريع النقل الضخمة التي وقعت في المدن الكبرى خلال الأعوام الماضية، كلها شاهد صدق وحق على أن تغييراً هيكلياً بدأ أوانه مع أبومتعب. ولو قدر للشخص زيارة كل مدينة وقرية سعودية لشهد هناك مشروعاً يُسلم، وآخر بدأ العمل فيه، وثالث قيد التصميم والدرس. كما أن تجربة الصناديق الاستثمارية الداعمة للعقار وللصناعة وللزراعة، ودعمها الكبير خلال الأعوام القليلة الماضية هي خير شاهد على اهتمام حكومة الملك عبدالله بالتنمية قولاً وفعلاً. وبالمثل يمكن أن يُقال عن بنك التسليف ودعم المشاريع الصغيرة التي نالت اهتماماً خاصاً من الحكومة خلال الأعوام الماضية. وبالطبع لا يمكن تعداد كل ما تحقق في بضعة أسطر، إلا أن ما ذكر غيض من فيض يراه المواطن في كل شبر من أرض الوطن. على اليد الأخرى، لا يزال هناك الكثير من العوائق والمنغصات، وتحتاج إلى حلول عاجلة وفورية وصارمة. أولاها: مشكلة الإسكان، فالمواطن ما زال غير قادر على تملك سكنه الخاص، في بلد بمساحة قارة. وكل الحلول البطيئة التي تقدمها وزارة الإسكان ما زالت غير فاعلة في خفض السعر بدرجة تتوازى مع الدخول الفردية للناس ليستطيعوا شراء وبناء مساكنهم الخاصة. الثاني: تعثر كثير من المشاريع التي وُقعت عقود تنفيذها، وتأخر بعضها كثيراً في موعد تسليمه، وتنفيذ بعضها بمواصفات أقل من ما وقعت به العقود. وهذا التأخير والتعثر يؤجلان الفائدة من هذه المشاريع، أو يمنع أية امتيازات وفوائد يحصل عليها الوطن والمواطن من هذه المشاريع. الثالث: ارتفاع التضخم وزيادة الأسعار نتيجة احتكارات السوق، وغياب الجمعيات التي تحمي المستهلك وتدافع عن حقوقه، يضاف إليها ضعف الرقابة والمحاسبة على التجار الذين يحتكرون أسواق السلع والخدمات. ولعل التقارير التي نشرت أخيراً عن ارتفاع كلفة الاستقدام والحج والعمرة والاتصالات واحتلال السعودية المرتبة الأولى في تضخم الغذاء مقارنة بدول الخليج المجاورة، كل ذلك يتطلب عملاً فاعلاً لتفتيت الاحتكارات، وإصلاح التشوهات في السوق نتيجة هذه الاحتكارات. الرابع: ضعف خلق فرص العمل في الاقتصاد، وهذا ناتج أيضاً من تأخر تسليم المشاريع وتعثر بعضها، وهو ما يضعف خلق فرص العمل المرتبطة ببدء عمل هذه المشاريع، وما يخلقه المشروع الواحد من فرص للتوظيف والمتاجرة والنقل والإسكان والحركة التجارية التي تتصاحب مع وجود مثل تلك المشاريع الكبيرة. إضافة إلى تشوه سوق العمل السعودية نتيجة كبر حجم العمالة الوافدة، وكل الأمل في «حملة التصحيح» التي تقوم بها وزارتا الداخلية والعمل حالياً لإصلاح الخلل في سوق العمل والتوظيف. الخامس: ضعف الطبقة الوسطى، وهو نتيجة حتمية للأسباب الأربعة السابقة، وهذه الطبقة التي هي محرك النمو وعماد التنمية في أي بلد يجب الحفاظ عليها وتنميتها. ولتقوية هذه الطبقة والحفاظ عليها منتجةً فاعلةً يجب حل المشكلات الأربع المشار إليها سابقاً، وبأسرع وقت وأفضل طريقة. ختاماً.. لا شك أنه تحقق الكثير من الإنجازات، وتحقق الكثير من الامتيازات للوطن والمواطن، ويبقى على الحكومة علاج المنغصات السابق ذكرها، والمرتبطة مباشرة بمعيشة المواطن، وكل عام وخادم الحرمين، وولي عهده، والشعب السعودي بألف خير. * أكاديمي سعودي متخصص في الاقتصاد والمالية.