«راح أبي وفي ثوبه دمه»، كلمات لم يتوقف الطفل باسم محمد المشرف (خمسة أعوام) عن تردادها، متذكراً الموقف «الرهيب»، حينما بدأت رصاصات «الغدر» تنهمر على والده، ويبدو الصغير منكسراً، وتنهمر الدموع من عينيه. ترى كيف يتذكر هذا الصغير أباه وهو يحميه بجسده من الرصاص المنهمر عليهم كالمطر، حين همّا بالخروج من حسينية المصطفى في بلدة الدالوة، في تلك الليلة. وقال عبدالله التريكي، وهو أخ غير شقيق للشهيد محمد المشرف (35 عاماً)، الذي كان يعمل «جندياً» في الحرس الوطني: «كان أخي خارجاً من الحسينية، إذ تفاجأ بوجود أحد الإرهابيين واقفاً أمام الباب، وهو يحمل رشاشاً كبيراً، ويطلق منه بغزارة، فأسرع محمد لابنه بسام وغطاه بجسده لحمايته، مبتعداً به عن الرصاص «الطائش»، إلا أنه تلقى رصاصات عدة أصابته في الرأس والصدر، فسقط على الأرض، وهو يضم ابنه الذي نجا بأعجوبة كبيرة، وبعد هروب المسلحين وجد الطفل بجانب أبيه، وهو في حال رعب. وما زال يتذكر ما جرى بين لحظة وأخرى الدماء التي سالت من والده، طالباً من والدته رؤية والده، مكرراً كلمات «راح أبي وفي ثوبه دمه». أم بسام كانت مسافرة منذ أيام، فأوكل محمد المشرف أولاده إلى أخت زوجته. وكان يقول لها موصياً: «الله الله في أبنائي، اعتبريهم أيتاماً، لا تغفلي عنهم». وكان المشرف على تواصل مع زوجته خلال سفرها، ويؤكد لها بأن أطفالها «بخير وبصحة»، وهم مشتاقون لها. وأن البيت والجميع في انتظار عودتها. وعمل على تزيين المنزل، لاستقبالها قبل يومين من الحادثة الأليمة. إلا أن القدر لم يمكنه من ملاقاة زوجته. وللمشرف ثلاث بنات، وابن واحد هو «بسام»، الذي وقف أمام وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف. الذي قال عنه: «هذا الابن عليه ملامح الرجولة والشجاعة، وهي ظاهرة في عينيه».