فصول عديدة تروى من مسرح جريمة لم تنته بعد، فمساء الاثنين الماضي نزف الوطن.. رصاص الحقد والكراهية تقاطر في بقاع الوطن وسمع أزيزه في كل منزل، إلا أن الحادث ورغم قساوته وألمه أفرز نتائج مذهله لمن لا يعرف أبناء الأحساء بسنتهم وشيعتهم الطيبين المسالمين الذين جمعتهم منذ الأزل محبة وتلاحم وتراحم ونسب. الشيخ حبيب المطاوعة (الذي فقد ابنه زهير) تحدث بلغة المحتسب والواثق بقدر الله سبحانه: كان الأمر مفاجئا ولم يكن بالحسبان ولكن نفوض الأمر لله سبحانه وتعالى، وهذا يدعو إلى تلاحم المواطنين ،لأنه لم يوجد أحد في المملكة من خادم الحرمين -حفظه الله- إلى أصغر مسؤول ومواطن إلا وتأثر بالحادثة الشنيعة، إلا الارهابيين أنفسهم وأصحاب القلوب المريضة. ووفقا لصحيفة الرياض بقلب كبير وفكر واع ورغم فقده لفلذة كبده إلا أن الشيخ حبيب وصف ماحدث بالإيجابي، وشرح ذلك بالقول: صحيح أننا فجعنا فاجعة عظيمة ولكن بحجم الفقد فقد تحركت روح الوحدة في الوطن وظهرت روح المحبة والتعاون وهذا يدعونا للفخر بأن المواطنين كلهم تفاعلوا وحزنوا في الواقع المشاعر الفياضة من جل أبناء الوطن بمختلف شرائحهم واللحمة الذي وجدوها من كل المسئولين والمواطنين جعلت من الحدث إيجابيا فلا شك أن ابننا شهيد على يد هؤلاء الإرهابيين وفي مناسبة هي ليلة عاشوراء، بمقدار ما حزنا فرحنا كونه صار ابننا شهيداً وأن الله اختارهم وأن الله سبحانه سيأخذ بثأره وأكبر دليل على ذلك هو تمكن رجال الأمن من القبض عليهم في وقت قياسي، وهنا لابد من التنبيه إلى أن دماء الشهداء من رجال الأمن الذين سقطوا جراء التصدي لهذه الطغمة، فالحمد لله على كل حال. ووصف ابنه زهير بأنه كان ولداً مطيعاً وكان شغوفاً به ومحباً له، وكان ملازماً له، والدته سلمت أمرها إلى الله فهي فرحة مستبشرة وإن بكت العين فهي مسلمة لله سبحانه. وأضاف أنه كان وقت الحادث للتو دخل إلى منزله بعدها تلقى اتصالا من أحد أصدقائه يبلغه بالحادثة وإطلاق نار كثيف ويطلب منه سرعة التوجه للموقع، فأسرع ليفاجأ بمشاهدة الوضع المؤلم، أناس ملقاة على الأرض ودماء تسيل من كل جانب، ورأى أخيه ملقى على وجهه والدماء تسيل من كل جسده وكان متوفى، ورآه كيف وهو يحتضن طفله الصغير ويحميه من وابل الرصاص، فبعد أن توقف إطلاق النار سحب الطفل من تحته ولم يصب بأي أذى إلا أنه كان يبكي. وأبدى عبدالله استغرابه من هذه الفعلة وهدفهم إثارة الفتنة في الأحساء إلا أنهم لن يفلحوا في ذلك فنحن متماسكون ومحبون لبعضنا بعضاً. وتمنى عبدالله النظر لحالة أخيه الذي خلف وراءه أربعة أطفال والنظر لوضع السكن. عبدالعزيز الحسن (أخ زوجة الشهيد محمد المشرف) شاهد المصابين وهم متوفون، كان بشوشاً ليس له أعداء، والجميع يعرفه بالطيب وخلوق جداً. وقد أبدى ثقته في المسؤولين في النظر في أمر زوج اخته وتأمين سكن لأطفاله وتوفير الحاجيات اللازمة لهم وتوفير المرتب الذي يوفر لهم الحياة الكريمة. بدموع غزيرة وقلوب يكاد يخرج من بين أضلعه تحدث والد الطفل عبدالله اليوسف انه خرج وابنه عبدالله (13 سنة) أكبر أبنائه كان جالساً على العتبات الخارجية فأشرت له بالذهاب للمنزل، وبعد أن خطوت عشرة أمتار إلا وسمعت أزيز الرصاص ورجعت ورأيت المجرمين وهم يواصلون إطلاق النار وأنا لا أدرك ما الذي يحصل،فرحت أبحث عن طفلي ولم أكترث بخطورة الموقف وكنت لا أرى سوى الدماء والأشلاء تتطاير ولم أر أبني فدخلت ورأيته يسبح في دمائه (وهنا لم يتمالك الأب نفسه وانهمر في البكاء)، ثم أكمل: لم أستطع حمل أبني من هول الفاجعة لكنه كان يحملق بعينيه في وجهي وكأنه كان يودعني (ثم توقف مرة أخرى وراح يردد مراراً..آه ياولدي، وراح يكرر أن أمه وإخوته سيموتون على عبدالله..سيموتون!! ثم استرجع وقال: الحمد لله رب العالمين. علي حسين البصراوي (الذي فقد شقيقه محمد) غادر المكان قبل الحادثة ب 15 دقيقة وكنت حينها خارج القرية وتلقيت اتصالا من زوجتي بسماعها صوت إطلاق نار، فرجعت مسرعاً للقرية وأوقفت سيارتي، وعلمت بإصابة أخي محمد وتم نقله للمستشفى فتوجهت إلى هناك فرافقته في الاسعاف وكان ينزف من رقبته وفمه رغم محاولات الأطباء لإنقاذه إلا أن تلك المحاولات لم تفلح ليلفظ أنفاسه أمام عيني ولتنتقل روحه إلى بارئها. وأشار إلى أن والدته تعيش في صدمة غير عادية، أما والده فهو متوفي منذ سنوات. حسين تركي التريكي (أحد المبلغين للجهات الأمنية) تحدث عن الحادثة: كنت أهم بالخروج فجأة دوى الرصاص بكثافة وبشكل عشوائي ،فسمعت شخص يصرخ إطلاق نار اخرجوا من الباب الخلفي فتحول المكان إلى حالة من الفوضى والموقع كان به نحو 400 شخص فصارت حالة ارتباك والناس لم تعد تعرف إلى أين تتجه. وبين أن إطلاق النار استمر 5 دقائق متواصلة ولم يفرقوا بين طفل أو كبير، وبمرارة بين أنه فقد شقيق زوجته الطفل محمد البصراوي الذي كان يمثل بالنسبة له كأب ويعوضه فقدان والده، قال رأيت محمد لحظات لفظ أنفاسه وهو يؤشر بيده مودعاً. توقف حسين وقال: كلنا فداء هذا الطريق وفداء للوطن الذي نتمسك به ونعظ عليه بالنواجذ حباً وفداء ً وشدد على أن الفكر الإرهابي لهؤلاء لا يمثل إلى شخوصهم العفنة والنتنة. الفقيد عادل عبدالله حرابة(30 سنة) عند الساعة 10 كان في طريقة من قرية العرامية وهو في طريقه إلى قريته المنصورة، وقرية الدالوة تقع في الوسط بين القريتين فسلك الطريق ذاتها، في الطريق تم اعتراضه واخذت سيارته فورد، ولا أعرف أنه قتل قبل أو بعد، إلا أنه بعد قتله سكبت مادة الأسيد، ثم رمي في الكرسي الخلفي للسيارة ومن ثم استخدمت السيارة لغرض ارتكاب الجريمة، ويؤكد ناجي أن الجهات الأمنية أخبرتهم أن جميع السيارات المستخدمة كانت مسروقة، ووجدت مرمية في المزارع، وابن عمي رميت السيارة في قرية المزاوي وابن عمه مضرج بدمائه، وأشارت المعلومات إلى أن السيارة تمت رؤيتها من قبل أحد شهود العيان خلال تنفيذ العملية.