بدأ المستثمرون السويسريون يشعرون بالقلق من أزمة مالية جديدة في دول الاتحاد الأوروبي هي الثالثة منذ العام 2008، قد تكون نتائجها وخيمة وطويلة الأمد. فبداية، أصيبت أسواق الصرف الأوروبية بضعف مفاجئ، ثم بدأ كل من فرنسا وإسبانيا يعاني عجزاً ضخماً في الموازنة العامة، بينما في بعض الدول الأوروبية الأخرى، مثل ايطاليا، يرصد خبراء غياباً مدوياً للإصلاحات. وثمة روابط تاريخية مالية بين سويسرا والدول المجاورة، اذ إن جارتها فرنسا مثلاً تحاول إصلاح موازناتها الحكومية، بينما ايطاليا قد تكون الفتيل الذي سيشعل أزمة مالية جديدة في منطقة اليورو. ومجدداً تبرز اليونان في أجندة المستثمرين السويسريين بما أن حكومتها تخطط لمغادرة برنامج المساعدة المالية الدولية مع نهاية السنة. ولا شك في أن بروز أزمة مالية جديدة في منطقة اليورو، مماثلة لتلك التي عصفت بها عام 2012، سيشكل ضربة قاسية لبروكسيل، كما أن الإنتاج الصناعي في المنطقة يمر بمرحلة حساسة، ناهيك عن مؤشر «زيد اي دبليو» الألماني، الذي يعكس توقعات وحقائق مالية مهمة للأشهر الثلاثة المقبلة والذي يعاني تراجعاً كبيراً. وأشار محللون في بورصة زيوريخ إلى أن مردود سندات الخزينة اليونانية والبرتغالية عاود ارتفاعه بعد غياب طويل. وزاد معدل الفوائد على السندات اليونانية، التي تستحق بعد 10 سنين، نحو 7 في المئة منذ مارس (آذار) الماضي. وكلما زادت نسبة فوائد سندات الخزينة الصادرة عن حكومات أوروبا الجنوبية، ومن ضمنها اليونان والبرتغال، اقتربت الأزمة المالية من أبواب دول الاتحاد الأوروبي. وللهروب من أوضاع مالية أوروبية معقدة وغير مفهومة بالكامل، يلجأ المستثمرون الدوليون إلى الساحة المالية السويسرية حيث زاد مردود أسهم الشركات الكبرى المدرجة أسهمها في بورصة زيوريخ، نحو 0.3 في المئة منذ نهاية الشهر الماضي. ويُسجل إقبال على شراء سندات الخزينة الألمانية التي تراجع مردودها نحو 0.84 في المئة، خصوصاً تلك التي تستحق بعد 10 سنين. ويرى محللون أن كلما زادت الفوائد على سندات خزينة دولة ما، تآكلت الموازنات الحكومية والعكس صحيح. ويسجل المراقبون إقبالاً دولياً، حتى من أميركا الشمالية، لشراء كل ما يصدر بالفرنك السويسري من سندات وأسهم. ومن بين الأسهم التي تلقى نجاحاً كبيراً تلك التابعة لشركة «كلاريانت» لإنتاج المواد الكيماوية، التي طرحت جزءاً منها يستحق بعد 10 سنين بفائدة سنوية بلغت نحو 2.125 في المئة. وهذا دليل آخر على أن سويسرا تتحرك على صعيدين، الأول خاص بالقطاع الحكومي والثاني متعلق بالقطاع الخاص، يتمتعان بتنسيق ممتاز وعميق بينهما على عكس ما يحصل في الدول المجاورة.