استولى مستوطنون أمس على بيت مؤلف من ثلاث طبقات وسط مدينة الخليل في الضفة الغربية بعد ان سمحت لهم الحكومة الاسرائيلية بذلك بدعوى الرد على مقتل احد الجنود الاسرائيليين في المدينة قبل ايام. وقال شهود ان نحو 30 مستوطناً دخلوا المبنى الواقع قرب الحرم الابراهيمي، ورفعوا عليه الإعلام الاسرائيلية، ثم اقاموا في خيمة على مدخله، تحت حراسة 12 جندياً، بانتظار تعليمات من قيادة الجيش. وجاء استيلاء المستوطنين على المنزل بعد ان اعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قراره السماح لهم بالسيطرة عليه. وكان المستوطنون ادعوا مطلع العام الماضي شراء هذا المنزل من مالكيه، وقام الجيش بإخلاء اصحابه منه وتسليمه للمستوطنين، لكن هؤلاء لم يقدموا الى المحكمة اي اثباتات ذلك بعد أن لجأ اصحابه الى القضاء. وقال نتانياهو في تصريح على صفحته على «فايسبوك»: «هؤلاء الذين يسعون الى اقتلاعنا من مدينة الآباء (الخليل) سيحصلون على نتيجة معاكسة، فمن جهة سنواصل ضرب الارهاب والارهابيين، ومن جهة ثانية سنواصل تعزيز الاستيطان في المدينة». وبعد ساعات من تصريح نتانياهو، سمح الجيش لعشرات المستوطنين بالدخول الى منزل ابو رجب. وقال محافظ الخليل كامل حميد ل «الحياة» ان المستوطنين زوّروا اوراق شراء البيت من اصحابه، وأن الاوراق المزورة لم تكن مقبوله من المحكمة التي طلبت من الجيش إخلاءهم منه لحين البت في القضية. وأضاف ان المحكمة المركزية الاسرائيلية عقدت سلسلة جلسات للنظر في ادعاءات المستوطنين، آخرها جلسة عقدت في 12 الشهر الجاري، ومن المتوقع ان تصدر قرارها قريباً. وأوضح: «الاسرائيليون يتبعون في السيطرة على بيت ابو رجب الاسلوب الذي اتبعوه في السيطرة على بيوت اخرى، وهو الادعاء بأنهم اشتروه، ثم الاستيلاء عليه بالقوة، ثم يأتي الجيش ويخليهم لبعض الوقت، ثم تصدر المحكمة قراراً بعد جلسات عدة تمنحهم فيه حق الاقامة في البيت». وتابع: «هذا حدث مع بيوت أخرى مثل بيت عائلة الناظر وبيت عائلة الرجبي، وبيت عائلة البكري، انه الاحتلال، هو الخصم وهو الحكم». وتقيم عائلة ابو رجب في البلدة القديمة من الخليل بعد ان أخلاها مستوطنون والجيش من بيتها العام الماضي. وقال عماد حمدان من لجنة إعمار الخليل ان العائلة اوكلت اللجنة حق ملاحقة القضية أمام القضاء، وأن اللجنة اوكلت محامياً اسرائيلياً لهذا الغرض. ويقع بيت عائلة ابو رجب الى الغرب من الحرم الابراهيمي بين مدرستين. وقال «فريق السلام المسيحي» في بيان له أمس: «ان بقاء المستوطنين في هذا البيت يشكل تهديداً على حياة مئات التلاميذ الفلسطينيين وحركتهم»، مشيراً الى عدوانية المستوطنين الذين يستوطنون في قلب مدينة الخليل تجاه السكان، واعتداءاتهم المستمرة عليهم. وقال الفريق المسيحي العامل في مدينة الخليل ان الاجراءات الامنية المشددة التي اتبعها الجيش الاسرائيلي في المدينة خلال الأعياد اليهودية الاسبوع الاخير، اعاقت حركة المواطنين، خصوصاً طلاب المدارس في المدينة، وأن مدرسة الفيحاء للإناث أغلقت أبوابها اول من امس بسبب الإجراءات الامنية المشددة. وقال الفريق ان الاستيطان هو السبب الرئيس للعنف بين الفلسطينيين والاسرائيليين في الخليل، وأن الفلسطينيين في حي تل الرميدة الذي يقيم فيه المستوطنون، يشعرون بتهديد دائم من هؤلاء المستوطنين. وقال الفريق ان المستوطنين يهاجمون المواطنين في ساحات بيوتهم ويعتدون عليهم بالضرب، وأن المواطنين حينما يلجأون الى النقطة العسكرية الاسرائيلية القريبة، يتعرضون الى الضرب من الجنود مجدداً. وأورد الفريق في بيانه مثالاً على ذلك ما تتعرض اليه عائلة ابو شمسة في الحي من اعتداءات مستمرة من المستوطنين الذين يقتحمون حديقة منزلها ويعتدون على أبنائها. وقال المستشار السياسي للرئيس محمود عباس نمر حماد ل «الحياة» ان تصريحات نتانياهو عن تعزيز الاستيطان في الخليل تعكس السياسة الحقيقية لحكومته. وأضاف: «لا يوجد اي خطة أخرى لنتانياهو غير الاستيطان، وهو يستخدم اي ذريعة لتحميل الفلسطينيين المسؤولية عن فشل المفاوضات، لكن الحقيقة هي ان الاستيطان هو الذي سيؤدي الى فشل المفاوضات».