أكد وزير المال المصري أحمد جلال، أن الحكومة تدرس عدداً من الآليات لتوفير الموارد اللازمة لتطبيق الحد الأدنى للأجور الذي أعلن عنه أخيراً بقيمة 1200 جنيه (170 دولاراً) شهرياً، لافتاً إلى أن الوزارة تدرس سيناريوات عدة للتمويل، وتبحث عن أفضل السبل لاستيعاب هذا العبء من دون زيادة العجز الكلي. وأشار إلى أن كلفة الزيادة تبلغ نحو 67 بليون جنيه سنوياً وقال: «لذلك شكلنا لجنة فنية من مندوبين من وزارات المال والتخطيط والاستثمار والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة للبحث عن مخرج يقلص هذه الكلفة». وكان رئيس الحكومة حازم الببلاوي أعلن الأربعاء الماضي زيادة الحد الأدنى للأجور من 732 جنيهاً إلى 1200 بدءاً من مطلع كانون الثاني (يناير) المقبل. وفضلت الحكومة أن تلتزم معايير المساواة بين الموظفين على رغم أن هذا سيرفع كلفة تطبيق القرار الذي جاء فيه: «قرر مجلس الوزراء ألا يقل مجموع ما يحصل عليه الموظف من دخل مقابل عمله في القطاع الحكومي عن 1200 جنيه»، ما يعني زيادة رواتب الدرجات السادسة والخامسة والرابعة والثالثة ليتقاضى أصحابها المبلغ نفسه على رغم اختلاف درجاتهم. وأضاف نص القرار: «تبحث الحكومة عن آلية لخفض الكلفة الباهظة لهذا القرار من خلال طرق محاسبية منها ضم كل العلاوات الدورية والشهرية والسنوية والمزايا المختلفة للأجر، بحيث يكون الحد الأدنى المذكور شاملاً كل تلك المبالغ، ما يقلل من صافي الكلفة السنوية التي يمكن أن تتحملها الخزينة». وبموازاة المناقشات المتعلقة بمداخيل موظفي الدولة، تبحث الحكومة مع العمال ورجال الأعمال عدداً من السيناريوات لوضع حد أدنى للأجور في القطاع الخاص، بما يتماشى مع زيادة الحد الأدنى الجديد المطبق في القطاع الحكومي. وأصدر وزير المال المصري بياناً أشار فيه إلى أن الحكومة نجحت في تحقيق عدد من المؤشرات الإيجابية خلال الفترة الوجيزة الماضية، تتمثل في تراجع ملموس في معدلات اعتماد الخزينة العامة على التمويل المصرفي سواء من البنك المركزي أو المصارف التجارية. ولفت إلى أن ذلك ساعد على خفض أسعار الفائدة على أذون وسندات الخزينة خلال أقل من شهرين بنحو أربعة في المئة، ما سينعكس على خفض عبء الدين العام على الموازنة، كما ساعد أيضاً على تقليل مزاحمة الدولة للقطاع الخاص للفوز بالتمويل المصرفي، ما سيساهم في زيادة حجم التمويل المتاح لمشاريع القطاع الخاص، إضافة إلى تحقيق استقرار نسبي في أسعار سوق الصرف الأجنبي. وأوضح وزير المال أن الحكومة تسعى إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي في السنة المالية الحالية إلى ما بين 3.5 في المئة و4 في المئة في مقابل 2.2 في المئة في السنة المالية الماضية، مع خفض عجز الموازنة العامة من 13.8 في المئة ليتراوح ما بين 9 و10 في المئة، لافتاً إلى أن حزمة تنشيط الاقتصاد التي أعلن عنها أخيراً بقيمة 22.3 بليون جنيه تستهدف أيضاً تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع عادل لثمار النمو الاقتصادي. ولفت إلى أن الاقتصاد المصري يعاني ثلاث مشاكل رئيسية، هي الاختلالات في مؤشرات الاقتصاد الكلي وتتمثل في نسب عالية للدين العام وعجز الموازنة وعجز متزايد في ميزان المدفوعات، والثانية ارتفاع معدل البطالة بشدة، والثالثة تباطؤ النشاط الاقتصادي وغياب العدالة في توزيع الدخل القومي، مبيناً أن الحكومة تدرك أهمية التعامل السريع مع تلك الملفات لكن لا يمكنها حلها في الوقت ذاته. وأوضح أن علاج تلك المشاكل لا يكون من خلال الاعتماد على الموارد المحلية فقط، وإنما الأمر يحتاج إلى جذب أموال جديدة من الخارج لتضخ في شكل استثمارات، لافتاً إلى أن حزمة المساعدات الخليجية ساهمت في حل جزء من المشكلة، لكن مصر لا يمكنها الاستمرار في الاعتماد على المساعدات والمنح الخارجية بل يجب الاستعاضة عنها بالعمل بجدية لإصلاح الاقتصاد. وعلى رغم المشاكل التي يعانيها الاقتصاد إلا أن الوزير المصري أعرب عن تفاؤله بمستقبل الاقتصاد المصري وقدرته على تحقيق الازدهار.